(الثالث) أنه يعتبر قبوله للعطية عند وجودها ويفتقر إلى شروط الهبة المذكورة لأنها هبة منجزة فاعتبر لها
القبول عند وجودها كعطية الصحيح بخلاف الوصية فإنه لا حكم لقبولها ولا ردها إلا بعد الموت على ما يأتي (فصل) والعطية تقدم على الوصية وهو قول الشافعي وجمهور العلماء وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر إلا في العتق فإنه حكي عنهم تقديمه لأن العتق يتعلق به حق الله تعالى ويسري وينفذ في ملك الغير فيجب تقديمه.
ولنا أن العطية لازمة في حق المريض فقدمت على الوصية كعطية الصحة أو فقدمت على العتق كعطية الصحة (الرابع) أن الملك يثبت في العطية من حينها ويكون مراعى فاذا خرج من الثلث عند الموت تبينا أن الملك كان ثابتاً من حينه لأن العطية في المرض تمليك في الحال لأنها إن كانت هبة فمقتضاها تمليكه الموهوب في الحال ولهذا يعتبر قبولها في المجلس كما لو كانت في الصحة، وكذلك إن كانت محاباة أو إعتاقاً وأما كونها مراعاة فلأنا لا نعلم هل هذا مرض الموت أو لا ولا نعلم هل يستفيد مالا أو يتلف شئ من ماله أو لا فتوقفنا لنعلم عاقبة أمره فنعمل عليها فإذا انكشف الحال علمنا حينئذ ما ثبت حال العقد، ومثل ذلك ما لو أسلم أحد الزوجين بعد الدخول فإنا لا ندري هل يسلم الثاني أم لا فنقف الأمر حتى تنقضي العدة فإن أسلم الآخر في العدة تبينا أن النكاح كان صحيحاً باقياً وإن انقضت العدة قبل إسلامه تبينا أن النكاح انفسخ من حين اختلف دينهما * (مسألة) * (فلو أعتق في مرضه عبداً أو وهبه لإنسان ثم كسب في حياة سيده شيئاً ثم مات سيده فخرج من الثلث كان كسبه له إن كان معتقاً وللموهوب إن كان موهوباً، وإن خرج بعضه فلهما من كسبه بقدر ذلك) إذا أعتق عبداً لا مال له سواه فكسب مثل قيمته قبل موت سيده فللعبد من كسبه بقدر ما عتق منه وباقيه لسيده فيزداد به مال السيد وتزداد الحرية لذلك ويزداد حقه من كسبه فينقص به حق السيد من الكسب وينقص بذلك قدر المعتق منه فيدخل الدور فيستخرج ذلك بالجبر فيقال عتقق من العبد شئ وله من كسبه شئ لأن كسبه مثله وللورثة من العبد شيئان لأن لهم مثلي ما عتق منه وقد عتق منه شئ ولا يحسب على العبد ما حصل له من كسبه لأن استحقه بجزئه الحر لا من جهة سيده فصار للعبد شيئان