ذكرنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي وقال مالك إن وهب له مالاً يعرف بعينه كالأثمان لم يجز إلا أن يضعها على يد غيره لأن الأب قد يتلف ذلك أو يتلف بغير سببه فلا يمكن أن يشهد على شئ بعينه فلا ينفع القبض شيئاً ولنا أن ذلك مما يصح هبته فإذا وهبه لابنه الصغير وقرضه له صح كالعروض (فصل) فإن كان الواهب للصبي غير الأب من أوليائه فقال أصحابنا لابد أن يوكل من يقبل للصبي ويقبض له ليكون الإيجاب منه والقبول والقبض من غيره كما في البيع بخلاف الأب فإنه يجوز أن يوجب ويقبل ويقبض لكونه يجوز أن يبيع لنفسه، قال شيخنا والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء لأنه عقد يجوز أن يصدر منه ومن وكيله فجاز أن يتولى طرفيه كالأب.
وفارق البيع فإنه يجوز أن يوكل من يشتري له ولأن البيع عقد معاوضة ومرابحة فيتهم في عقده لنفسه والهبة محض مصلحة لا تهمة فيها وهو ولي فجاز أن يتولى طرفي العقد كالأب، ولأن البيع إنما منع منه لما يأخذه من العوض لنفسه من مال الصبي وهو ههنا يعطي ولا يأخذ فلا وجه لمنعه من ذلك وتوقيفه على توكيل غيره ولأننا قد ذكرنا أنه يستغنى بالإيجاب والإشهاد عن القبض والقبول فلا حاجة الى التوكيل فيهما مع غناه عنهما