ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (الرجل جبار) ولأنه لا يملك حفظ رجلها عن الجناية فلم يضمنها كما لو لم يكن يده، عليها فأما إن كانت جنايتها بفعله مثل أن كبحها أو ضربها في وجهها ونحو ذلك فإنه يضمن جناية رجلها لأنه السبب في جنايتها فكان عليه ضمانها ولو كان السبب غيره مثل أن نخسها أو نفرها فالضمان على من فعل ذلك دون راكبها وسائقها وقائدها لأنه السبب في جنايتها (فصل) فإن كان على الدابة راكبان فالضمان على الأول منهما لأنه المتصرف فيها القادر على
كفها إلا أن يكون الأول منهما صغيراً أو مريضاً ونحوهما ويكون الثاني هو المتولي لتدبيرها فيكون الضمان عليه فإن كان مع الدابة قائد وسائق فالضمان عليهما لأن كل واحد منهما لو انفرد ضمن فإذا اجتمعا ضمنا، وإن كان معهما أو مع أحدهما راكب فالضمان عليهم جميعاً في أحد الوجهين لذلك والثاني الضمان على الراكب لأنه أقوى يداً وتصرفاً، ويحتمل أن يكون على القائد لانه لاحكم للراكب معه (فصل) والجمل المقطور على الجمل الذي عليه راكب يضمن جنايته لأنه في حكم القائد فأما الجمل المقطور على الجمل الثاني فينبغي أن لا يضمن جنايته إلا أن يكون له سائق لأن الراكب الأول لا يمكنه حفظه عن الجناية، ولو كان مع الدابة ولدها لم يضمن جنايته لأنه لا يمكنه حفظه وذكر ابن أبي موسى في الإرشاد أنه يضمن قال لأنه يمكنه ضبطه بالشد (مسألة)(ويضمن ما افسدت من الزرع والشجر ليلاً ولا يضمن ما افسدت من ذلك نهاراً) يعني إذا لم تكن يد أحد عليها وهذا قول مالك والشافعي وأكثر فقهاء الحجاز وقال الليث يضمن مالكها ما أفسدته ليلا ونهارا بأقل الأمرين من قيمتها أو قدر ما أتلفته كالعبد إذا جنبى، وقال أبو حنيفة لا ضمان عليه بحال لقول النبي صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار) يعني هدراو لانها أفسدت وليست يده عليها فلم يضمن كالنهار أو كما لو أتلفت غير الزرع ولنا ما روى مالك عن الزهري عن حزام بن سعيد بن محيصة أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: على أهل الأموال حفظها بالنهار وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم.
قال ابن عبد البر إن كان هذا مرسلاً فهو مشهور حدث به الائمة الثقاة وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول ولأن العادة من أهل المواشي إرسالها في النهار للرعي وحفظها ليلاً وعادة أهل الحوائط حفظها نهاراً دون الليل فإذا ذهبت ليلاً كان التفريط من أهلها بتركهم حفظها في وقت عادة الحفظ