للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقدر على رده والصيد إذا قتله فقد ذهب لا يقدر على رده والشعر إذا حلقه فقد ذهب فهذه الثلاثة العمد والخطأ والنسيان فيه سواء وكل شئ من النسيان بعد الثلاثة فهو يقدر على رده مثل إذا غطى المحرم رأسه ثم ذكر ألقاه عن رأسه وليس عليه شئ أو لبس خفاً نزعه وليس عليه شئ وعنه رواية أخرى أن عليه الفدية في كل حال وهو مذهب مالك والليث وأبي حنيفة لأنه هتك حرمة الإحرام

فاستوى عمده وسهوه كالحلق والتقليم ولنا عموم وقوله عليه السلام " عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " وروى يعلى ابن أمية أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة وعليه جبة وعليه أثر خلوق أو أثر صفرة فقال يارسول الله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي قال " اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك أثر الخلوق - أو قال - أثر الصفرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك " متفق عليه وفي لفظ قال يارسول الله أحرمت بالعمرة وعلي هذه الجبة فلم يأمره بالفدية مع مسألته عما يصنع وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز دل على أنه عذره لجهله (١) والناسي في معناه.

ولأن الحج عبادة يجب بإفسادها الكفارة فكان في محظوراته ما يفرق فيه بين عمده وسهوه كالصوم.

وأما الحلق وقتل الصيد فه إتلاف ولا يمكن تلافيه، إذا ثبت ذلك فإنه متى ذكر فعليه خلع اللباس وغسل الطيب في الحال فإن أخر ذلك عن زمن الإمكان فعليه الفدية لأنه تطيب وليس من غير عذر فأشبه المبتدئ.

وإن مس طيباً يظنه يابساً فبان رطباً ففيه وجهان (أحدهما) عليه الفدية لأنه قصد مس الطيب (والثاني) لا فدية عليه لأنه جهل تحريمه فأشبه من جهل تحريم الطيب.

وإن طيب بإذنه فعليه الفدية لأنه منسوب إليه، فإن قيل: فلم لا يجوز له استدامة الطيب ههنا كالذي تطيب قبل إحرامه؟ قلنا ذلك فعل مندوب اليه فكان له استدامته وههنا هو محرم وإنما سقط حكمه بالنسيان والجهل فإذا زالا ظهر حكمه وإن تعذر عليه إزالته لا كراه أو علة ولم يجد من يزيله فلا فديه عليه وجرى مجرى المكره على ابتداء الطيب وحكم الجاهل إذا علم حكم الناسي إذا ذكر وحكم المكره حكم الناسي لأنه مقرون به في الحديث الدال على العفو.

ويستحب له أن يلبي إذا فعل ذلك استذكاراً للحج واستشعاراً بإقامته عليه ورجوعه إليه، ويروى هذا القول عن إبراهيم النخعي وقد ذكره الخرقي (مسألة) (ومن رفض إحرامه ثم فعل محظوراً فعليه فداؤه) وجملة ذلك أن التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء كمال أفعاله أو التحلل عند الحصر أو بالعذر إذا شرط وما عدا هذا فليس له أن يتحلل به ولو نوى التحلل لم يحل ولا يفسد الإحرام برفضه لأنها عبادة لا يخرج منها بالفساد فلم يخرج برفضها بخلاف سائر العبادات، ويكون الإحرام

<<  <  ج: ص:  >  >>