رضي الله عنه نحل عائشة ابنته جداد عشرين وسقا دون سائر ولده واحتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير " أشهد على هذا غيري " فأمره بتأكيدها دون الرجوع فيها ولأنها عطية تلزم بموت الأب فكانت جائزة كما لو سوي بينهم ولنا ما روى النعمان بن بشير قال تصدق علي أبي ببعض ماله فسالت أمي عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي فقال " أكل ولدك أعطيت مثله " قال لا قال " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " قال فرجع أبي فرد تلك الصدقة وفي لفظ قال " فاردده " وفي لفظ " لا تشهدني على جور " وفي لفظ " فلا تشهدني إذاً " وفي لفظ " فاشهد على هذا غيري " وفي لفظ " سو بينهم " متفق عليه وفيه دليل على التحريم
لأنه اسماه جوراً وأمره برده وامتنع من الشهادة عليه والجور حرام والأمر يقتضي الوجوب ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم فمنع منه كترويج المرأة على عمتها وخالتها وقول أبي بكر لا يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا يحتج به معه ويحتمل أن أبا بكر رضي الله عنه خصها لحاجتها وعجزها عن الكسب والسبب مع اختصاصها بفضلها وكونها أم المؤمنين وغير ذلك من فضائلها ويحتمل أن يكون نحلها ونحل غيرها من ولده أو نحلها وهو يريد أن ينحل غيرها فأدركه الموت قبل ذلك ويتعين حمل حديثه على أحد هذه الوجوه لأن حمله على مثل محل النزاع منهي عنه وأقل أحواله الكراهة والظاهر من حال أبي بكر رضي الله عنه اجتناب المكروهات وقول النبي صلى الله عليه وسلم " فأشهد على هذا غيري " ليس بأمر لأن أدنى أحوال الأمر الاستحباب والندب ولا خلاف في كراهة هذا وكيف يجوز أن يأمره بتأكيده مع أمره برده وتسميته إياه جوراً وحمل الحديث على هذا حمل لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على التناقض ولو أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإشهاد غيره لامتثل بشير أمره ولم يرده وإنما هو تهديد له فيفيد ما أفاده النهي عن إتمامه