(فصل) وإن قال بعتك هذه الدار وأجرتكها شهراً لم يصح لأنه إذا باعه فقد ملك المشتري المنافع فإذا أجره إياها فقد شرط أن يكون له بدل في مقابلة ما ملكه المشتري فلم يصح قال ابن عقيل وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قفيز الطحان ومعناه أن يستأجره طحاناً ليطحن له كذا بقفيز منه فيصير كأنه شرط له القفيز عوضاً عن عمله في باقي الكر المطحون ويحتمل الجواز بناء على اشتراط منفعة البائع في المبيع على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
(فصل) ويصح أن يشترط المشتري نفع البائع في المبيع مثل أن يشتري ثوبا ويشرط على بائعه خياطته قميصا أو بغلة ويشرط حذوها نعلاً أو حزمة حطب ويشرط حملها إلى موضع معلوم نص عليه أحمد في رواية مهنا وغيره، واحتج أحمد بما روي أن محمد بن مسلمة اشترى من نبطي حزمة حطب
وشارطه على حملها، وبه قال إسحاق وأبو عبيدة، وقال أبو حنيفة يجوز أن يشري بغلة ويشرط على البائع حذوها، وحكي عن أبي ثور والثوري أنهما أبطلا العقد بهذا الشرط لأنه شرط فاسد أشبه الشروط الفاسدة وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وشرط ولنا ما تقدم في قضية محمد بن مسلمة ولأنه بيع وإجارة لأنه باعه الثوب وأجره نفسه على خياطته وكل واحد منهما يصح إفراده بالعقد فإذا جمعهما جاز كالعينين ولم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط قال أحمد: إنما نهى عن شرطين في بيع وهو يدل بمفهومه على جواز الشرط الواحد ولابد من العلم بالمنفعة لهما ليصح اشتراطها لأننا نزلنا ذلك منزلة الإجارة فلو اشترط حمل الحطب إلى منزله والبائع لايعرف منزله لم يصح وإن شرط حذوها نعلاً فلا بد من معرفة صفتها كما لو استأجره على ذلك ابتداء.
قال أحمد: في الرجل يشتري البغلة على أن يحذوها جائز إذا أراد الشراك فإن تعذر العمل بتلف المبيع قبله أو بموت البائع انفسخت الإجارة ورجع المشتري عليه بعوض ذلك، وإن تعذر بمرض أقيم مقامه من يعمل العمل والأجرة عليه كقولنا في الإجارة.
(فصل) وإذا اشترط المشتري منفعة البائع في المبيع فأقام البائع مقامه من يعمل العمل فله ذلك بمنزلة الأجير المشترك يجوز أن يعمل العمل بنفسه وبمن يقوم مقامه وإن أراد بذل العوض عن ذلك لم يلزم المشتري قبوله وإن أراد المشتري أخذ العوض عنه لم يلزم البائع بذله لأن المعاوضة عقد تراض فلا يجبر عليه أحد وإن تراضيا عليه احتمل الجواز لأنها منفعة يجوز أخذ العوض عنها لو لم يشترطها فإذا ملكها المشتري جاز له أخذ العوض عنها كما لو استأجرها وكما يجوز أن تؤجر المنافع الموصى بهامن ورثة الموصى ويحتمل أن لا يجوز لأنه مشترط بحكم العادة والاستحسان لأجل الحاجة فلم يجز أخذ العوض عنه كالقرض فإنه يجوز أن يرد في الخبز والخمير قل أو كثر ولو أراد أن يأخذ بقدر خبزه وكسره بقدر الزيادة لم يجز ولأنه أخذ عوضاً عن مرفق معتاد جرت العادة بالعفو عنه دون أخذ العوض فأشبه المنافع المستثناة شرعاً وهو ما إذا باع أرضاً فيها زرع للبائع واستحق تبقيته إلى حين الحصاد فلو أخذه قصيلاً لينتفع بالأرض إلى وقت الحصاد لم يكن له ذلك {مسألة}(وذكر الخرقي في جز الرطبة إن شرطه على البائع لم يصح فيخرج ههنا مثله)