وخرج أبو الخطاب وجهاً في جوازه بناء على إجارة الظئر للرضاع لأن الحاجة تدعو إليه وهو قول الحسن وابن سيرين ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل متفق عليه ولأن المقصود الماء الذي يخلق منه الولد فيكون عقد الإجارة لاستيفاء عين فهو كإجارة الغنم لأخذ لبنها، ولأن الماء محرم لا قيمة له فلم يجز أخذ العوض عنه كالميتة، فأما من أجازه فينبغي أن يوقع العقد على العمل ويقدره بمرة أو مرتين، وقيل يقدره بالمدة وهو بعيد فإن من أراد إطراق فرسه مرة فقدره بمدة تزيد على قدر الفعل لم يكن استيعابها به وربما لا يحصل الفعل في المدة ويتعذر ضبط مقدار الفعل فيتعين التقدير بالفعل إلا أن يكتري فحلا لإطراق ماشية كثيرة كتيس يتركه في غنمه فإنه إنما يكتريه مدة معلومة.
والمذهب أنه لا يجوز إجارته لما ذكرنا فإن احتاج إلى ذلك ولم يجد من يطرق له جاز له أن يبذل الكراء، وليس للمطرق أخذه لأن ذلك بذل مال لتحصيل منفعة مباحة تدعو الحاجة إليها فجاز كشراء الأسير ورشوة الظالم ليدفع ظلمه، وإن أطرق إنسان فحله بغير إجارة ولا شرط فأهديت له هدية أو أكرم بكرامة لذلك فلا بأس لأنه فعل معروفا فجازت مجازاته عليه كما لو أهدى هدية فجوزي عليها
* (مسألة) * (الثاني معرفة العين برؤية أو صفة في أحد الوجهين ويصح في الآخر بدونه وللمستأجر خيار الرؤية)