الإمام لم تجز الشفاعة فيه لأن ذلك اسقاط حق وجب لله تعالى وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم حين شفع أسامة في المخزومية التي سرقت وقال (أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟) وقال ابن عمر من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في حكمه (فصل) السابع مطالبة المسروق منه بما له وقال أبو بكر ليس ذلك بشرط وجملة ذلك أن السارق لا يقطع وإن اعترف أو قامت بينة حتى يأتي مالك المسروق يدعيه وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وقال أبو بكر: ولا يفتقر إلى دعوى ولا مطالبة وهذا قول مالك وأبي ثور وابن المنذر لعموم الآية ولأن موجب القطع ثبت فوجب من غير مطالبة كحد الزنا ولنا أن المال يباح بالبذل والإباحة فيحتمل أن مالكه أباحه إياه أو وقفه على المسلمين أو على طائفة السارق منهم أو أذن له في دخول حرزه فاعتبرت المطالبة لتزول هذه الشبهة وعلى هذا يخرج الزنا فإنه لا يباح بالإباحة ولأن القطع أوسع في الإسقاط ألا ترى أنه اذا سرق مال أبيه لم يقطع ولو زنى بجاريته حد؟ ولأن القطع شرع لصيانة مال الآدمي فله به تعلق فلم يستوف من غير حضور مطالب به والزنا
حق لله تعالى محض فلم يفتقر إلى طلب به.
إذا ثبت هذا فإن وكيل الغائب يقوم مقامه في الطلب وقال القاضي إذا أقر بسرقة مال غائب حبس حتى يحضر الغائب لأنه يحتمل أن يكون قد أباحه ولو أقر بحق مطلق لغائب لم يحبس لأنه لا حق عليه لغير الغائب ولم يأمر بحبسه فلم يحبس وفي مسئلتنا تعلق به حق الله تعالى وحق الآدمي فحبس لما عليه من حق الله تعالى، فإن كانت العين في يده أخذها الحكام وحفظها للغائب وإن لم يكن في يده شئ فإذا جاء الغائب كان الخصم فيها (فصل) ولو أقر بسرقة لرجل فقال المالك لم تسرق مني ولكن غصبتني أو كان لي قبلك وديعة فجحدتني لم يقطع لأن اقراره لم يوافق دعوى المدعي، وهذا قال أبو ثور وأصحاب الرأي وإن