لأن علياً رضي الله عنه نهى أصحابه عن قتل محمد بن طلحة السجاد وقال: إياكم وصاحب البرنس فقتله رجل وأنشأ يقول: وأشعث قوام بآيات ربه * كثير التقى فيما ترى العين مسلم هتكت له بالرمح جيب قميصه * فخر صريعاً لليدين وللفم على غير ذنب غير أن ليس تابعاً * علياً ومن لايتبع الحق يظلم يناشدني حم والرمح شاجر * فهلا تلاحم قبل التقدم وكان السجاد حامل راية أبيه ولم يكن يقاتل فلم ينكر علي قتله ولأنه صار ردءاً لهم ولنا قوله تعالى (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم) والأخبار الواردة في تحريم قتل المسلم والاجماع على تحريمه وإنما خص من ذلك ما حصل ضرورة دفع الباغي والصائل ففيما عداه يبقى على العموم والاجماع، ولهذا حرم قتل مدبرهم وأسرهم والإجهاز على جريحهم مع أنهم إنما تركوا القتال عجزاً عنه ومتى ما قدر عليه عادو اليه، فمن لا يقاتل تورعاً عنه مع قدرته عليه ولا يخالف منه القتال بعد ذلك أولى، ولأنه مسلم لم يحتج إلى دفعه ولا صدر منه أحد الثلاثة فلم يحل دمه لقوله عليه الصلاة والسلام (لا يحل دم امرئ مسلم إلا باحدى ثلاث) فأما حديث علي في نهيه عن قتل السجاد فهو حجة عليهم فان نهي علي أولى من فعل من خالفه ولم يمتثل قول الله تعالى ولا قول رسوله ولا قول إمامه وقولهم فلم ينكر قتله قلنا لم ينقل الينا أن علياً علم حقيقة الحال في قتله ولا حضر قتله فينكره، وقد جاء
أن علياً رضي الله عنه حين طاف في القتلى رآه فقال السجاد ورب الكعبة هذا الذي قتله بره بأبيه وهذا يدل على أنه لم يشعر بقتله ورأى كعب بن سور فقال: يزعمون إنما خرج الينا الرعاع وهذا