بالإستحالة لم يؤثر أكلها النجاسة لأنها تستحيل، ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالإستحالة قياساً على الخمرة إذا انقلبت، وجلود الميتة إذا دبغت والجلالة إذا حبست (فصل) ودخان النجاسة وغبارها نجس فإن إجتمع منه شئ أو لاقى جسماً صقيلاً فصار ماء فهو نجس إلا إذا قلنا أن النجاسة تطهر بالإستحالة وما أصاب الإنسان من دخان النجاسة وغبارها فلم يجتمع منه شئ ولا ظهرت له صفة فهو طاهر لعدم إمكان التحرز منه، فأما الخمرة إذا انقلبت بنفسها خلا فإنها تطهر لا نعلم في ذلك خلافاً لأن نجاستها لشدتها المسكرة الحادثة لها وقد زال ذلك من غير نجاسة خلفتها فوجب أن تطهر كالماء الذي يتنجس بالتغيير إذا زال تغييره بنفسه ولا يلزم عليه سائر النجاسات لكونها لا تطهر بالاستحالة لأن نجاستها لعينها والخمر نجاستها لأمر زال بالإنقلاب (مسألة)(فإن خللت لم تطهر في ظاهر المذهب) روى ذلك عن عمر وهو قول مالك، وقال الشافعي إن القي فيها شئ كالملح فتخللت لم تطهر وإن نقلت من شمس إلى ظل أو بالعكس فتخللت ففي إباحتها قولان، ويخرج لنا أيضاً فيها إحتمالان (أحدهما) تطهر كما لو نقلها لغير قصد التخليل فتخللت فإنه لا فرق بينهما سوى النية (والثاني) لا تطهر كما لو وضع فيها شئ فتخللت لما روي أن أبا طلحة
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً فقال " أهرقها " قال أفلا أخللها؟ قال " لا " من المسند رواه الترمذي ولو جاز التخليل لم ينه عنه ولم تبح اراقته.
وقيل تطهر لأن علة التحريم زالت أشبه مالو تخللت بنفسها ولأن التطهير لا فرق فيه بين ما حصل بفعل الله تعالى وفعل العبد كتطهير