والصحيح الأول للحديث المذكور فإن باع فالبيع صحيح لأنه تم بأركانه وشروطه ولم يثبت وجود مفسد له وكراهة ذلك لا توجب الفساد كالغش في البيع والتدليس والتصرية، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم " قولوا لا أربح الله تجارتك " من غير أخبار بفساد البيع دليل على صحته والله أعلم {بسم الله الرحمن الرحيم} باب الشروط في البيع وهي ضربان: صحيح وهو ثلاثة أنواع (أحدها) شروط من مقتضى البيع كالتقابض وطول الثمن ونحوه فهذا لا يؤثر فيه لأنه بيان وتأكيد لمقتضى العقد فوجوده كعدمه (الثاني) شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله أو الرهن أو الضمين أو الشهادة أو صفة في المبيع مقصودة نحو كون العبد كاتباً أو خطيباً أو صانعاً أو مسلماً أو الأمة بكراً أو الدابة هملاجة أو الفهد صيوداً فهو شرط صحيح يلزم الوفاء به فإن لم يف به فللمشتري الفسخ والرجوع بالثمن والرضا به لأنه شرط وصفاً مرغوباً فيه فصار
الشرط مستحقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم " المؤمنون عند شروطهم " ولا نعلم في صحة هذين القسمين خلافاً {مسألة}(فإن شرطها ثيباً كافرة فبانت بكراً مسلمة فلا فسخ له لأنه زاده خيراً وليس ذلك يزيد في الثمن فاشبه مالو شرطه غير صانع فبان صانعاً) وهذا قول الشافعي في البكر واختيار القاضي واستبعد كونه يقصد الثيوبة لعجزه عن البكر ويحتمل أن له الفسخ لأن له فيه قصداً صحيحاً وهو أن طالب الكافرة أكثره لصلاحيتها للمسلمين والكفار أو ليستريح من تكليفها العبادات وقد يشترط الثيب لعجزه عن البكر أو لبيعها لعاجز عن البكر فقد فات قصده وقد دل اشتراطه على أن له قصداً صحيحاً.
فأما إن شرط صفة غير مقصودة فبانت بخلافها مثل أن يشرطها سبطة فبانت جعده أو جاهلة فبانت عالمة فلا خيار له لأنه زاده خيراً.
(فصل) فإن شرط الشاة لبوناً صح وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة لا يصح لأنه لا يجوز بيع اللبن في الضرع فلم يجز شرطه، ولنا أنه أمر مقصود يتحقق من الحيوان ويأخذ قسطاً من الثمن فصح اشراطه كالصناعة في الأمة والهملجة في الدابة وإنما لم يجز بيعه مفرداً للجهالة والجهالة فيما كان تبعاً لا تمنع الصحة ولذلك لو اشتراها بغير شرط صح بيعه معها.
وكذلك يصح بيع أساسات الحيطان والنوى في التمر وإن لم يجز بيعهما منفردين فإن شرط أنها تحلب قدراً معلوما لم يصح لأن اللبن يختلف ولا يمكن ضبطه فتعذر الوفاء به، وإن شرطها غزيرة اللبن صح لأنه يمكن الوفاء به وإن شرطها حاملاً صح.
وقال القاضي قياس المذهب أن لا يصح لأن الحمل لاحكم له.
ولهذا لا يصح اللعان على الحمل ويحتمل أنه ريح ولنا أنه صفة مقصودة يمكن الوفاء بها فصح شرطه كالصناعة وكونها لبوناً.
وقوله إن الحمل لاحكم له لا يصح فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حكم في الدية بأربعين خلفة في بطونها أولادها، ومنع أخذ الحوامل في الزكاة ومنع وطئ الحبالى المسبيات وأرخص للحامل في الفطر في رمضان إذا اخافت على ولدها ومنع من