في الغلة يأخذها لا بأس ان يبيع مرابحة، وفي الولد والثمرة لا يبيع مرابحة حتى يبين لأنه موجب العقد ولنا أنه صادق فيما أخبر به من غير تغرير بالمشتري فجاز كما لو لم يزد، ولأن الولد والثمرة نماء منفصل، فلم يمنع من بيع المرابحة كالغلة (النوع الثاني) أن يعمل فيها عملا مثل أن يقصرها أو يرفوها أو يخيطها أو يحملها فمتى أراد بيعها مرابحة أخبر بالحال على وجهه سواء عمل ذلك بنفسه أو استأجر من عمله هذا ظاهر كلام أحمد فإنه قال: يبين ما اشتراه وما لزمه ولا يجوز أن يقول تحصلت علي بكذا وبه قال الحسن وابن سيرين وابن المسيب وطاوس والنخعي والاوزاعي وابو ثور، وفيه وجه آخر أنه يجوز فيما استأجر عليه أن يضم الأجرة إلى الثمن ويقول.
تحصلت علي بكذا لأنه صادق، وبه قال الشعبي والحكم والشافعي.
ولنا أنه تغرير بالمشتري فإنه عسى أنه لو علم أن بعض ما تحصلت به لأجل الصناعة لم يرغب فيها لعدم رغبته في ذلك فأشبه ما ينفق على الحيوان في مؤنته وكسوته، وعلى المتاع في خزنه (الضرب الثاني) أن يتغير بنقص كالمرض والجناية عليه أو تلف بعضه أو الولادة أو أن يتعيب أو يأخذ المشتري بعضه كالصوف واللبن ونحوه فإنه يخبر بالحال ولا نعلم فيه خلافاً {مسألة}(وإن اشتراه بعشرة ثم باعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة أخبر بذلك على وجهه وإن قال اشتريته بعشرة جاز وقال أصحابنا يحط الربح من الثمن الثاني ويخبر أنه اشتراه بخمسة) المستحب في هذه المسألة وأمثالها أو يخبر بالحال على وجهه لأن فيه خروجاً من الخلاف وهو أبعد من التغرير بالمشتري، فإن أخبر أنه اشتراه بعشرة ولم يبين جاز وهذا قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد لأنه صادق فيما أخبر به وليس فيه تهمة فأشبه مالو لم يربح، وروي عن ابن سرين أنه يطرح الربح من الثمن الثاني ويخبر أن رأس ماله عليه خمسة، وأعجب أحمد قول ابن سيرين قال فإن باعه على ما اشتراه يبين أمره يعني أنه ربح مرة ثم اشتراه وهذا من أحمد على الاستحباب لما ذكرناه، ولأنه الثمن الذي حصل به الملك الثاني أشبه مالو خسر فيه، وقال أبو حنيفة لا يجوز بيعه مرابحة إلا أن يبين أمره أو يخبر أن رأس ماله عليه خمسة وهو قول القاضي وأصحابه لأن المرابحة تضمن فيها العقود فيخبر بما تقوم عليه كما تضم أجرة الخياط والقصاب، وقد استفاد بهذا العقد الثاني تقرير الربح في العقد الأول لأنه أمن أن يرد عليه، فعلى هذا ينبغي إذا طرح الربح من الثمن الثاني أن يقول تقوم علي
بخمسة ولا يقول اشتريته بخمسة لأنه كذب وهو حرام فيصير كما لو ضم أجرة القصارة ونحوها إلى الثمن وأخبر به.
ولنا ما ذكرناه، وما ذكروه من ضم القصارة والخياطة فشئ بنوه على أصولهم لا نسلمه ثم لا يشبه هذا ما ذكروه لأن المؤنة لزمته في هذا البيع الذي يلي المرابحة وهذا الربح في عقد آخر قبل هذا الشراء فأشبه الخسارة فيه، وأما تقويم الربح فغير صحيح فإن العقد الأول قد لزم ولم يظهر