إذا أراد كافر الدخول إلى الحرم منع على ما ذكرنا فإن كانت معه تجارة أو ميرة خرج إليه من يشتري منه ولم يمكن من الدخول للآية وإن كان رسولا إلى الإمام بالحرم خرج إليه من يسمع رسالته فإن قال لابد لي من لقاء الإمام خرج إليه الإمام ولم يأذن له فإن دخل عالماً بالمنع عزر وإن دخل جاهلاً هدد وأخرج فإن مرض بالحرم أو مات أخرج ولم يدفن به لأن حرمه الحرم أعظم ويفارق الحجاز من وجهين (أحدهما) أن دخوله إلى الحرم حرام وإقامته به حرام بخلاف الحجاز (والثاني) أن خروجه من الحرم سهل ممكن لقرب الحل منه وخروجه من الحجاز في مرضه صعب ممتنع وإن دفن نبش وأخرج لأنه إذا لم يجز دخوله في حياته فدفن جيفته أولى أن لا يجوز فإن كان قد بلي أو يصعب إخراجه لنتنه وتقطعه ترك للمشقة فيه (فصل) فإن صالحهم الامام على دخول الحرم بعوض فالصلح باطل فان دخلوا إلى الموضع
الذي صالحهم عليه لم يرد عليهم العوض لانهم قد استوفوا ما صالحهم عليه، وان وصلوا إلى بعضه أخذ من العوض بقدره، ويحتمل أن يرد عليهم العوض بكل حال لأن ما استوفوه لا قيمة له، والعقد لم يوجب العوض لبطلانه (مسألة)(ويمنعون من الإقامة بالحجاز كالمدينة واليمامة وخيبر وفدك وما والاها) وبهذا قال مالك والشافعي إلا أن مالكا قال أرى أن يجلوا من أرض العرب كلها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) وروى أبو داود بإسناده عن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترك فيها إلا مسلماً) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وعن ابن عباس قال: أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشياء قال (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم) وسكت عن الثالث رواه أبو داود