ولنا أن الكسوة أحد أنواع الكفارة فلم يجز فيه ما يقع عليه الإسم كالإطعام والإعتاق ولأن التكفير عبادة تعتبر فيها الكسوة فلم يجز فيه أقل مما ذكرناه كالصلاة ولأنه مصروف للمساكين في الكفارة فيقدر كالإطعام، ولأن اللابس ما لا يستر عورته يسمى عريانا فلم يجزئه لقول الله تعالى (أو كسوتهم) إذا ثبت هذا فإنه إذا كسا امرأة أعطاها درعا وخماراً على ما ذكرنا لأنه أقل ما يستر عورتها وتجزئها الصلاة فيه، وإن أعطاها ثوبا واسعا يمكنها أن تستر به بدنها ورأسها أجزأه ذلك والرجل يجزئه إذا كساه ثوب أو قميص يمكنه أن يستر به عورته ويجعل على عاتقه منه شيئاً أو ثوبين يأتزر باحدهما ويرتدي بالآخر، ولا يجزئه مئزر وحده ولا سراويل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يصلي أحدكم في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شئ " ويجوز أن يكسوهم من جميع أصناف الكسوة من القطن والكتان والصوف والشعر والوبر والخز والحرير، لأن الله تعالى أمر بكسوتهم ولم يعين جنسها فأي جنس كساهم منه خرج عن العهدة لوجود الكسوة المأمور بها، ويجوز أن يكسوهم جديداً ولبيسا إلا أن يكون قد بلي وذهبت منفعته فلا يجوز لأنه معيب فهو كالحب المعيب والرقبة إذا ذهبت منفعتها وسواء كان ما أعطاهم مصبوغا أولا أو خاما أو مقصوراً لأنه تحصل به الكسوة المأمور بها والمنفعة المقصودة بها.
(فصل) والذي تجزئ كسوتهم هم المساكين الذين يجزئ إطعامهم، لأن الله تعالى قال (فاطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم) فينصرف الضمير إليهم.
و* (مسألة) * (فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة إن شاء قبل الحنث وإن شاء بعده ولا يجوز تقديمها على اليمين) .
إذا عجز عن العتق والإطعام والكسوة أجزأه صيام ثلاثة أيام للآية وقد ذكرنا صفة العجز