أبي حنيفة والشافعي لأن في تركه تضييعاً للحقوق وإقراراً للظلم فإنه قد يثبت له الحق على من هو أرفع منه بغصب أو يشتري منه شيئاً ولا يوفيه أو يودعه شيئاً أو يعيره إياه فلا يرده ولا تعلم بينهما معاملة فإذا لم يعد عليه سقط حقه وهذا أعظم ضرراً من حضور مجلس الحاكم فإنه لا يقبضه وقد حضر عمر وأبي عند زيد وحضر هو وآخر عند شريح وحضر المنصور عند رجل من ولد طلحة بن عبيد الله (والثانية) لا يستعديه إلا أن تعلم بينهما معاملة ويبين أن لما أعاده أصلا روى ذلك عن علي رضي الله عنه هو مذهب مالك لأن في أعدائه على كل احد بتذيل أهل المروءات وإهانة ذوى الهيآت فإنه
لا يشاء أحد أن يتبذلهم عند الحاكم إلا فعل وربما فعل هذا من لا حق له ليفتدي المدعى عليه من حضوره وشر خصمه بطائفة من ماله والأولى أولى لأن ضرر تضييع الحق أعظم من هذا وللمستعدى عليه أن يوكل من يقوم مقامه إن كره الحضور.
* (مسألة) * (وإن استعداه على القاضي قبله سأله عما يدعيه فإن قال لي عليه دين من معاملة أو رشوة راسلة بذلك، فإن اعترف أمره بالخروج منه وإن أنكر وقال إنما يريد تبذيلي فإن عرف أن لما ادعاه أصلاً أحضره وإلا فهل يحضره؟ على روايتين) وجملة ذلك أنه إذا استعدي على الحاكم المعزول لم يعده حتى يعرف ما يدعيه فيسأله عنه صيانة للقاضي عن الامتهان فإن ذكر أنه يدعي عليه حقاً من دين أو غصب اعداه عليه وحكم بينهما كغير القاضي وكذلك إن ادعى أنه أخذ منه رشوة على الحكم لأن أخذ الرشوة عليه لا يجوز فهي كالغصب وإن ادعى عليه الجور في الحكم وكان المدعي بينة أحضره وحكم بالبينة وإن لم تكن معه بينة ففيه