قتادة قال كعب الرشوة تسفه الحليم وتعمي عين الحكيم.
فأما الراشي فإن رشاه ليحكم له بباطل أو يدفع عنه فهو ملعون وأن رشاه ليدفع ظلمه ويجزئه على واجبه فقال عطاء وجابر بن زيد والحسن لا بأس ان يصانع عن نفسه قال جابر: ما رأينا في زمن زياد أنفع لنا من الرشا ولأنه يستنقذ ماله كما يستنفذ الرجل أسيره.
(فصل) ولا يقبل الحاكم هدية وذلك لأن الهدية يقصد بها في الغلب استمالته ليعتني به في الحكم فيشبه الرشوة قال مسروق إذا قبل القاضي الهدية أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغت به لكفر وقد روى أبو حميد الساعدي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فقال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقام النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله واثنى عليه ثم قال " ما بال العامل نبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي؟ ألا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا نبعث أحداً منكم فيأخذ شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله إن كان بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تثغر " فرفع يده حتى رأيت عفرة أبطية فقال " اللهم هل بلغت ثلاثاً؟ " متفق عليه ولأن حدوث الهدية عند حدوث الولاية يدل على أنها من أجلها ليتوسل بها إلى ميل الحاكم معه على خصمه فلم يجز قبولها كالرشوة فأما إن كان يهدي إليه قبل ولايته جاز قبولها منها بعد الولاية لأنها لم تكن من أجل الولاية لوجود سببها قبلها بدليل وجودها
قبل الولاية قال القاضي ويستحب له التنزه عنها فإن أحس أنه يقدمها بين يدي خصومة أو فعلها حال