تجوز الصلاة على الغائب في بلد آخر بالنية بعيداً كان البلد أو قريباً، فيستقبل القبلة ويصلي عليه كصلاته على الحاضر، وسواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن وبهذا قال الشافعي.
وقال مالك وأبو حنيفة لا يجوز، وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية كقولهما ليس من شرط الصلاة على الجنازة حضورها بدليل ما لو كان في البلد ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه وصلى بهم بالمصلى فكبر عليه أربعاً متفق عليه.
فإن قيل فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم زويت له الأرض فأري الجنازة قلنا لم ينقل ذلك ولو كان لأخبر به ولنا الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يثبت ما يقتضي اختصاصه ولأن الميت مع البعد لا تجوز الصلاة عليه، وان رئي ثم لو اختصت الرؤية بالنبي صلى الله عليه وسلم لا اختصت الصلاة به وقد صف النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فصلى بهم، فإن قيل لم يكن بالحبشة من يصلي عليه.
قلنا ليس هذا مذهبكم فانكم لا تجيزون الصلاة على الغريق والأسير، وإن كان لم يصلى عليه ولأن هذا بعيد لأن النجاشي كان ملك الحبشة
وقد أظهر اسلامه فيبعد أنه لم يوافقه أحد يصلي عليه (فصل) فإن كان الميت في أحد جانبي البلد لم يصل عليه من في الجانب الآخر في أصح الوجهين اختاره ابو حفص البرمكي لأنه يمكنه الحضور للصلاة عليه أو على قبره أشبه ما لو كانا في جانب واحد والثاني يجوز كما لو كان في بلد آخر.
وقد روي عن ابن حامد أنه صلى على ميت مات في أحد جانبي بغداد وهو في الآخر * (فصل) * وتتوقت الصلاة على الغائب بشهر كالصلاة عى القبر لأنه لا يعلم بقؤه من غير تلاش أكثر من ذلك، فعلى هذا قال ابن عقيل في أكيل السبع والمحترق بالنار يحتمل أن لا يصلى عليه لذهابه، ويصلى على الغريق اذا غرق قبل الغسل كالغائب البعيد لأن الغسل تعذر لمانع أشبه الحي إذا غجز عن الغسل والتيمم صلى على حسب حاله * (مسألة) * (ولا يصلى الإمام على الغال ولا من قتل نفسه) الغال هو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ليأخذها لنفسه ويختص بها فهذا لا يصلى عليه الامام ولا على قاتل نفسه عمداً ويصلي عليهما سائر الناس نص على هذا أحمد: وقال عمر بن عبد العزيز والاوزاعي لا يصلى على قاتل نفسه بحال لأن من لا يصلي عليه الامام لا يصلى عليه غيره كشهيد المعركة، وقال عطاء والنخعي والشافعي يصلي الامام وغيره على جميع المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم " صلوا على من قال لا إله إلا الله " رواه الحلال باسناده ولنا ما روى جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم جاؤه برجل قد قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه