ولا شفعة فيها ولأن في الشفعة ههنا إضراراً بالموهوب له والموقوف عليه لأن ملكه يزول عنه بغير عوض ويزال الضرر بالضرر بخلاف البيع فإنه إذا فسخ البيع الثاني رجع المشتري الثاني بالثمن الذي أخذ منه فلا يلحقه ضرر، ولأن ثبوت الشفعة ههنا يوجب رد العوض إلى غير المالك وسلبه عن المالك وفي ذلك ضرر فيكون منفياً، وقال أبو بكر للشفيع فسخ ذلك وأخذه بالثمن الذي وقع به البيع وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي لأن الشفيع يملك فسخ البيع الثاني والثالث مع إمكان الأخذ بهما فلأن يملك فسخ عقد لا يمكنه الأخذ به أولى، ولأن حق الشفيع أسبق وجنبته أقوى فلم يملك المشتري تصرفا يبطل حقه ولا يمتنع أن يبطل الوقف لأجل حق الغير كما لو وقف المريض أملاكه وعليه دين فإنه إذا مات رد الوقف إلى الغرماء والورثة فيما زاد على ثلثه بل لهم إبطال العتق والوقف أولى، فإذا قلنا بثبوت الشفعة أخذ الشفيع الشقص ممن هو في يده ويفسخ عقده ويدفع الثمن إلى المشتري وحكي عن مالك أنه يكون للموهوب له لأنه يأخذ ملكه.
ولنا أن الشفيع يبطل الهبة ويأخذ الشقص بحكم العقد الأول ولو لم يكن وهب كان الثمن له فكذلك بعد الهبة المفسوخة
(مسألة)(وإن باع فله الأخذ بأي البيعين شاء فإن أخذ بالأول رجع الثاني على الأول) إذا تصرف المشتري في المبيع قبل أخذ الشفيع أو قبل علمه صح تصرفه لأنه ملكه وصح قبضه