الطلب إلى إقامة الحد فلو طلب ثم عفا عن الحد سقط وبهذا قال الشافعي وأبو ثور، وقال الحسن وأصحاب الرأي لا يسقط بعفوه لأنه حد فلم يسقط بالعفو كسائر الحدود ولنا أنه حد لا يستوفى إلا بعد مطالبة الآدمي باستيفائه فسقط بعفوه كالقصاص.
وفارق سائر الحدود فإنه لا يعتبر في إقامتها الطلب باستيفائها، فأما حد السرقة فإنما يعتبر فيه المطالبة بالمسروق لا استيفاء الحد ولأنهم قالوا تصح دعواه ويستحلف فيه ويحكم الحاكم فيه بعلمه ولا يقبل رجوعه بعد الاعتراف فدل على أنه حق لآدمي (فصل) وإذا قلنا بوجوب الحد بقذف من لم يبلغ لم تجز إقامته حتى يبلغ ويطالب به بعد بلوغه
لأن مطالبته قبل البلوغ لا توجب الحد لعدم اعتبار كلامه وليس لوليه المطالبة عنه لأنه حق شرع للتشفي فلم يقم غيره مقامه في استيفائه كالقصاص فاذا بلغ وطالب اقيم حينئذ، ولو قذف غائباً لم يقم عليه الحد حتى يقدم ويطالب إلا أن يثبت أنه طالب في غيبته، ويحتمل أن لا تجوز إقامته في غيبته بحال لأنه يحتمل أن يعفو بعد المطالبة فيكون ذلك شبهة في درء الحد لكونه يندرئ بالشبهات، ولو جن المقذوف بعد قذفه وقبل طلبه لم تجز إقامته حتى يفيق ويطالب وكذلك إن اغمي عليه فإن كان قد طالب به قبل جنونه وإغمائه جازت اقامته كما لو وكل في استيفاء القصاص ثم جن أو أغمي عليه قبل استيفائه (فصل) وإذا قذف ولده لم يجب عليه الحد وإن نزل سواء كان القاذف رجلاً أو امرأة وبهذا