وروى الجوزجاني بإسناده عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع الفقهاء فكان مما احيا من تلك السنن بقول فقهاء المدينة السبعة ونظرائهم ان تاسا كانوا يقولون ان الدية تغلظ في الشهر الحرام اربعة آلاف فتكون ستة عشر ألفاً فألغى عمر ذلك بقول الفقهاء وأثبتها اثني عشر ألف درهم في الشهر الحرام والبلد الحرام وغيرهم.
قال إبن المنذر وليس بثابت ما روي عن الصحابة في هذا ولو صح ففعل عمر في حديث قتادة أولى وهو مخالف لغيره فيقدم على قول من خالفه وهو أصح في الرواية مع موافقة الكتاب والسنة والقياس
(فصل) ولا تغلظ الدية بموضع غير حرم مكة وقال أصحاب الشافعي تغلظ الدية بالقتل في المدينة على قوله القديم لأنها مكان يحرم صيده فأشبهت حرم مكة ولا يصح القياس لأنها ليست محلاً للمناسك فأشبهت سائر البلدان.
ولا يصح قياسها على الحرام لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أي بلد هذا؟ أليست البلدة - قال - فإن دماءكم وأموالكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " وهذا يدل على أنه أعظم البلاد حرمة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن أعتى الناس على الله رجل قتل في الحرم، ورجل قتل غير قاتله ورجل قتل بدخل في الجاهلية " وتحريم الصيد ليس هو العلة في التغليظ وإن كان من جملة المؤثر فقد خالف تحريمه تحريم الحرم فإنه لا يجب الجزاء على من قتل فيه صيداً ولا يحرم الرعي فيه ولا الاحتشاش منه ولا ما يحتاج إليه من الرحل والعارضة والقائمة وشبهه