أقل من أربعة أيام لأن الخيار لحاجته فيقدر بها، وقال أبو حنيفة والشافعي لا يجوز أكثر من ثلاث لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال ما أجد لكم أوسع مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان جعل له الخيار ثلاثة أيام أن رضي أخذ وإن سخط ترك.
ولأن الخيار ينافي مقتضى البيع لأنه يمنع الملك واللزوم وإطلاق التصرف، وإنما جاز للحاجة فجاز القليل منه وآخر حد القلة ثلاث قال الله تعالى (فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام - بعد قوله - فيأخذكم عذاب قريب) ولنا أنه حق يعتمد الشرط فرجع في تقديره إلى مشترطه كالأجل ولم يثبت ما روي عن عمر رضي الله عنه وقد روي عن أنس خلافه، وتقدير مالك بالحاجة لا يصح فإنها لا يمكن ضبط الحكم بها لخفائها واختلافها وإنما يرتبط بمظنتها وهو الاقدام فإنه صالح أن يكون ضابطاً وربط الحكم به في الثلاث وفي السلم والأجل، وقول الآخرين: أنه ينافي مقتضى البيع لا يصح لأن مقتضى البيع نقل الملك والخيار لا ينافيه وإن سلمنا ذلك لكن متى خولف الأصل لمعنى في محل وجب تعدية الحكم لتعدي ذلك المعنى
{مسألة}(ولايجوز مجهولاً في ظاهر المذهب، وعنه يجوز وهما على خيارهما ما لم يقطعاه أو تنتهي مدته) إذا شرط الخيار أبداً أو متى شاء، أو قال أحدهما ولي الخيار ولم يذكر مدته أو شرطاه إلى مدة مجهولة كقدوم زيد أو نزول المطر أو مشاورة إنسان ونحو ذلك لم يصح في الصحيح من المذهب هذا اختيار القاضي وابن عقيل ومذهب الشافعي وعن أحمد أنه يصح وهما على خيارهما أبداً أو يقطعاه أو تنتهي مدته إن كان مشروطاً إلى مدة وهو قول ابن شبرمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم وقال مالك يصح ويضرب لهما مدة يختبر المبيع في مثلها في العادة لأن ذلك مقرر في العادة فإذا أطلقا حمل عليه، وقال أبو حنيفة إن اسقطا الشرط قبل مضي الثلاث أو حذفا الزائد عليها وبينا مدته صح لانهما حذفا المفسد قبل اتصاله بالعقد فوجب أن يصح كما لو لم يشترطاه ولنا أنها مدة ملحقة بالعقد فلا تجوز مع الجهالة كالأجل، ولأن اشتراط الخيار أبداً يقتضي المنع من التصرف على الأبد وذلك ينافي مقتضى العقد فلم يصح كما لو قال بعتك بشرط أن لا تتصرف، وقول مالك أنه يرد إلى العادة لا يصح فإنه لاعادة في الخيار يرجع إليها واشتراطه مع الجهالة نادر، وقول أبي حنيفة لا يصح فإن المفسد هو الشرط وهو مقترن بالعقد، ولأن العقد لا يخلو من أن يكون صحيحا أو فاسداً فإن كان صحيحاً مع الشرط لم يفسد بوجود ما شرطناه وإن كان فاسداً لم ينقلب صحيحاً كبيع درهم بدرهمين إذا حذف أحدهما، وإذا قلنا يفسد الشرط هل يفسد به البيع؟ على روايتين (إحداهما) يفسد وهو مذهب الشافعي لأنه عقد قارنه شرط فاسد كنكاح الشغار، ولأن البائع إنما رضي ببذله بهذا الثمن مع الخيار في استرجاعه والمشتري إنما رضي ببذل هذا الثمن فيه مع الخيار في فسخه فلو صححناه لأزلنا ملك كل واحد منهما عنه بغير رضاه وألزمناه ما لم يرض به ولأن الشرط يأخذ قسطاً من الثمن فإذا حذفناه وجب رد ما سقط من الثمن من أجله وذلك مجهول فيكون الثمن مجهولاً فيفسد به