للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبوبرزة صاحب رسول الله صلى الله وعليه وسلم فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر فقالوا له هذه القصة

فقال أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " وما أراكما افترقتما.

فإن فارق أحدهما الآخر مكرهاً احتمل بطلان الخيار لوجود التفرق ولأنه لا يعتبر رضاه في مفارقة صاحبه له فكذلك في مفارقته لصاحبه، وقال القاضي لا ينقطع الخيار لأنه حكم علق على التفرق فلم يثبت مع الإكراه كما لو علق عليه الطلاق ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين، فعلى قول من لا يرى انقطاع الخيار إن أكره أحدهما على فرقة صاحبه انقطع خيار صاحبه كما لو هرب منه يبقى الخيار للمكره منهما في المجلس الذي يزول عنه الإكراه فيه حتى يفارقه، وإن أكرها جميعاً انقطع خيارهما لأن كل واحد منهما يقطع خياره بتفرقة الآخر له فأشبه مالو أكره صاحبه دونه، وذكر ابن عقيل من صور الإكراه مالو رأيا سبعاً أو ظالما خشياه فهربا فزعا منه أو حملهما سبيل أو فرقت بينهما ريح.

فان خرس أحدهما قامت اشارته مقام نطقه فإن لم تفهم إشارته أو جن أو أغمي عليه قام أبوه أو وصيه أو الحاكم مقامه وهذا مذهب الشافعي (فصل) ولو ألحقا في العقد خياراً بعد لزومه لم يلحق وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة وأصحابنا يلحقه لأن لهما فسخ العقد فكان لهما إلحاق الخيار به كالمجلس.

ولنا أنه عقد لازم فلم يصر جائزاً بقولهما كالنكاح وفارق المجلس فإنه جائز فجاز إبقاؤه على جوازه (فصل) وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " البائع والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار فلا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله " رواه الترمذي وقال حديث حسن وقوله " إلا أن يكون صفقة خيار " يحتمل أنه أراد البيع المشروط فيه الخيار فإنه لا يلزم بتفرقهما لكونه ثابتاً بعده بالشرط، ويحتمل أنه أراد البيع الذي شرط فيه أن لا يكون فيه خيار فيلزم بمجرد العقد من غير تفرق.

وظاهر الحديث تحريم مفارقة أحد المتبايعين لصاحبه خشية من فسخ البيع وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية الأثرم فإنه ذكر له فعل ابن عمر وهذا الحديث فقال هذا الان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو اختيار أبي بكر، وقال القاضي ظاهر كلام أحمد جواز ذلك لأن ابن عمر فعله والأول أصح لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم يقدم على فعل ابن عمر، والظاهر أن ابن عمر لم يبلغه هذا ولو علمه لما خالفه

{مسألة} (إلا أن يتبايعا على أن لاخيار بينهما أو يسقطا الخيار بعده فيسقط في إحدى الروايتين، وإن اسقطه أحدهما بقي خيار صاحبه) اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في ذلك فروي عنه أن الخيار يمتد إلى التفرق ولا يبطل بالتخاير ولا بالإسقاط قبل العقد ولابعده وهو ظاهر كلام الخرقي لأن أكثر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " من غير تقييد ولا تخصيص في رواية حكيم بن حزام وأبي برزة

<<  <  ج: ص:  >  >>