والنخعي وسعيد بن جبير ومالك والاوزاعي وإسحاق وابن المنذر لقول الله تعالى (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فسماهما حكمين ولم يعتبر رضى الزوجين ثم قال (إن يريدا إصلاحا) فخاطب الحكمين، بذلك، وروى أبو بكر باسناده عن عبيدة السلماني أن رجلا وامرأة أتيا علياً مع كل واحد منهما فئام من الناس، فقال علي ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، فبعثوا حاكمين ثم قال علي للحاكمين هل تدريان ما عليكما، من الحق؟ عليكما، من الحق إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت المرأة رضيت بكتاب الله على ولي.
فقال الرجل أما الفرقة فلا، فقال علي كذبت حتى ترضى بما رضيت به وهذا يدل على أنه أجبره على ذلك، ويروى أن عقيلاً تزوج فاطمة بنت عقبة فتخاصما فجمعت ثيابها ومضت إلى عثمان فبعث حكماً من أهله عبد الله بن عباس وحكماً من أهلها معاوية، فقال ابن عباس لأفرقن بينهما، وقال معاوية ما كنت لافرق بين شخصين من بني عبد مناف، فلما بلغا الباب كانا قد أغلقا الباب واصطلحا، ولا يمتنع أن تثبت الولاية على الرشيد عند امتناعه من أداء الحق كما يقضى عنه الدين من ماله إذا امتنع ويطلق الحاكم على المولى إذا امتنع (فصل) ولا يكون الحكمان إلا عاقلين بالغين عدلين مسلمين لأن هذه من شروط العدالة سواء
قلنا هما حكمان أو وكيلان لأن الوكيل إذا كان متعلقاً بنظر الحاكم لم يجز أن يكون إلا عدلاً كما لو نصب وكيلاً لصبي أو مفلس ويكونان ذكرين لأنه يفتقر الى الرأي والنظر، فقال القاضي ويشترط كونهما حرين وهو مذهب الشافعي لأن العبد عنده لا تقبل شهادته فتكون الحرية من شروط العدالة.
قال شيخنا والأولى أن يقال ان كانا وكيلين لم تعتبر الحرية لأن توكيل العبد جائز وإن كانا حاكمين اعتبرت الحرية لأن الحاكم لا يجوز أن يكون عبداً ويعتبر أن يكونا عالمين بالجمع والتفريق لأنهما يتصرفان في ذلك فيعتبر علمهما به والأولى أن يكونا من أهلهما لأمر الله تعالى بذلك ولأنهما أشفق وأعلم بالحال فإن كانا من غير أهلهما جاز لأن القرابة ليست شرطاً في الحكم ولا الوكالة فكان الأمر بذلك إرشاداً واستحباباً، فإن قلنا هما وكيلان فلا يفعلان شيئاً حتى يأذن الرجل لوكيله فيما يراه من طلاق أو صلح أو تأذن المرأة لوكيلها في الخلع والصلح على ما يراه، فإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا، وإن قلنا إنهما حكمان فإنهما يمضيان ما يريانه من طلاق وخلع فينفذ حكمهما عليه رضياه أو أبياه