رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الماء إلى الكعبين لا يحبس الأعلى على الأسفل، ولأن من أرضه قريبة من رأس النهر سبق إلى المكان فكان أولى به كالسابق إلى المشرعة فإن كانت أرض صاحب الأعلى مختلفة منها عالية ومنها مستفلة سقى كل واحدة منها على حدتها، فإن استوى اثنان في القرب من أول النهر اقتسما الماء بينهما إن أمكن وإلا أقرع بينهما فقدم من تقع له القرعة فإن كان الماء لا يفضل عن أحدهما سقى من تقع له القرعة بقدر حقه من الماء ثم تركه للآخر، وليس له السقي بجميع الماء لمساواة الآخر له في استحقاق
الماء وإنما القرعة للتقديم في استيفاء الحق لا في أصل الحق بخلاف الأعلى مع الأسفل فإنه ليس للأسفل حق إلا في الفاضل عن الأعلى فإن كانت أرض إحداهما أكبر من أرض الآخر قسم الماء بينهما على قدر الارض لان الزائد من أرض أحدهما مساو في القرب فاستحق جزءاً من الماء كما لو كان لثالث * (مسالة) * (فإن أراد إنسان إحياء أرض ليسقيها من ماء النهر جاز ما لم يضر بأهل الأرض الشاربة منه) إذا كان لجماعة رسم شرب من نهر غير مملوك أو سيل فجاء إنسان ليحيي مواتا أقرب من رأس النهر من أرضهم لم يكن له أن يسقي قبلهم لأنهم أسبق إلى النهر منه ولأن من ملك أرضاً ملكها بحقوقها ومرافقها ولا يملك غيره إبطال حقوقها وهذا من حقوقها، وهل لهم منعه من إحياء ذلك الموات؟ فيه وجهان (أحدهما) ليس لهم منعه لأن حقهم في النهر لا في الموات (والثاني) لهم منعه لئلا يصير ذلك ذريعة إلى منعهم حقهم من السقي لتقديمه عليهم في القرب إذا طال الزمان وجهل الحال، فإذا قلنا ليس لهم منعه فسيق إلى مسيل ماء أو نهر غير مملوك فأحيا في أسفله مواتاً ثم أحيا آخر فوقه ثم أحيا ثالث فوق الثاني كان للأسفل السقي أولاً ثم الثاني ثم الثالث، ويقدم السبق إلى الأحياء على السبق إلى أول النهر لما ذكرنا