للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تفسيره إلى المقر كما لو لم يعطف عليه، وقال أبو حنيفة إن عطف على المبهم مكيلا أو موزونا كان تفسيراً له، وإن عطف مذروعاً أو معدوداً لم يكن تفسيراً لأن علي للإيجاب في الذمة فإذا عطف عليه ما يثبت في ذمته بنفسه كان تفسيراً له كقوله مائة وخمسون درهماً ولنا أن العرب تكتفي بتفسير إحدى الجملتين عن الأخرى قال الله تعالى (ولبثوا في كهفهم

ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا) وقال تعالى (عن اليمين وعن الشمال قعيد) ولأنه ذكر مبهماً مع تفسير لم يقم الدليل على أنه من غير جنسه فكان المبهم من جنس المفسر كما لو قال مائة وخمسون درهماً أو ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يحققه أن المبهم يحتاج إلى التفسير وذكر التفسير في الجملة المقارنة له يصلح أن يفسره يوجب حمل الأمر على ذلك، وأما قوله أربعة أشهر وعشرا فإنه امتنع أن تكون العشر أشهر الوجهين (أحدهما) أن العشر بغير هاء عدد للمؤنث والأشهر مذكرة فلا يجوز أن تعد بغير هاء (والثاني) أنها لو كانت أشهراً لقال أربعة عشر شهراً بالتركيب لا بالعطف كما قال (عليها تسعة عشر) وقولهم إن الألف مبهم قلنا قرن به ما يدل على تفسيره فأشبه مالو قال مائة وخمسون درهماً أو مائة ودرهم عند أبي حنيفة فإن قيل إذا قال مائة وخمسون درهماً فالدرهم ذكر للتفسير ولهذا لا يراد به العدد فصلح تفسير الجميع ما قبله بخلاف قوله مائة ودرهم فإنه ذكر الدرهم للإيجاب لا للتفسير بدليل أنه زاد به العدد قلنا هو صالح للإيجاب والتفسير معاً والحاجة داعية إلى التفسير فوجب حمل الأمر على ذلك صيانة لكلام المقر عن الإلباس والإبهام وصرفاً له إلى البيان والإفهام، وقول أبي حنيفة أن علي للإيجاب قلنا فمتى عطف ما يجب بها على ما لا يجب وكان أحدهما مبهماً والآخر مفسراً وأمكن تفسيره به وجب أن يكون المبهم من جنس المفسر، فأما إن لم يكن من جنس المفسر مثل أن يعطف عدد المذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>