فجاز كالمصاربة بالأثمان، فأما قياسهم فيبطل بالمضاربة فإنه يعمل في المال بنمائه وهو معدوم مجهول وقد جاز بالإجماع وهذا في معناه، ثم إن الشارع قد جوز العقد في الإجارة على المنافع المعدومة للحاجة فلم لا يجوز على الثمرة المعدومة للحاجة؟ مع أن القياس إنما يكون في إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه أو الجمع عليه، فأما في إبطال نص وخرق إجماع بقياس نص آخر فلا سبيل إليه، وأما تخصيص ذلك بالنخل أو به وبالكرم فيخالف عموم قوله عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر وهذا عام في كل ثمر ولا تكاد بلد ذات أشجار تخلو من شجر غير النخل وقد جاء في لفظ بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من النخل والشجر رواه الدارقطني ولأنه شجر يثمر كل حول فأشبه النخل والكرم ولأن الحاجة تدعو إلى المساقاة عليه كالنخل وأكثر لكثرته فأشبه النخل ووجوب الزكاة ليس من العلة المجوزة للمساقاة ولا أثر فيها وإنما العلة ما ذكرناه (فصل) فأما مالا ثمر له كالصفصاف والجوز أو له ثمر غير مقصود كالصنوبر والارز فلاتجوز المساقاة عليه وبه قال مالك والشافعي ولا نعلم فيه خلافاً لأنه غير منصوص عليه ولا في معنى المنصوص ولأن المساقاة إنما تجوز بجزء من الثمرة وهذا لا ثمرة له إلا أن يكون مما يقصد ورقة أو زهرة كالتوت