حمل خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمر السابق إلى الفهم منه كان أولى من هذا التكلف الذي يصان عنه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (فصل) وإنما يجوز الجمع في السفر الذي يبيح القصر.
وقال مالك والشافعي في أحد قوليه يجوز في السفر القصير لأن أهل مكة يجمعون بعرفة ومزدلفة وهو سفر قصير ولنا أنه رخصة ثبتت لدفع المشقة في السفر فاختصت بالطويل كالقصر والمسح ثلاثا ولأن دليل الجمع فعل النبي صلى الله عليه وسلم والفعل لا صيغة له وإنما هو قضية في عين فلا يثبت حكمها إلا في مثلها ولم ينقل أنه جمع إلا في سفر طويل
* (مسألة) * (والمرض الذي يلحقه بترك الجمع فيه مشقة وضعف) نص أحمد على جواز الجمع للمريض وروي عنه التوقف فيه وقال: أهاب ذلك والصحيح الأول وهذا قول عطاء ومالك.
وقال أصحاب الرأي والشافعي: لا يجوز لأن أخبار التوقيف ثابتة فلا يترك بأمر محتمل ولنا ما روى ابن عباس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر، وفي رواية من غير خوف ولا سفر رواهما مسلم.
وقد أجمعنا على أن الجمع لا يجوز لغير عذر ثبت أنه كان لمرض، وقد روي عن أبي عبد الله أنه قال في هذا الحديث هذا عندي رخصة للمريض والمرضع، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سهلة بنت سهيل وحمنة بنت جحش لما كانتا مستحاضتين بتأخير الظهر وتعجيل العصر والجمع بينهما فأباح الجمع لأجل الاستحاضة وأخبار المواقيت مخصوصة بالصور المجمع على جواز الجمع فيها فتخص محل النزاع بما ذكرنا (فصل) والمرض المبيح للجمع هو ما يلحقه بتركه مشقة وضعف.
قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله المريض يجمع بين الصلاتين، قال إني لا ارجو ذلك اذا ضعف وكذلك الجمع للمستحاضة ولمن به سلس البول ومن في معناها لما ذكرنا من الحديث