ولأن في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم أنه غسل يديه ووجهه ثم أفرغ على رأسه ولم يذكر مسحا ولأن الغسل أبلغ من المسح فإذا أتى به ينبغي أن يجزئه وهذا فيما إذا لم يمر يده عليه فأما إن أمر يده على رأسه مع الغسل أو بعده اجزأه لأنه قد أتى بالمسح وذلك لما روى عن معاوية أنه توضأ للناس كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر ثم مسح من مقدمه إلى مؤخر ومن مؤخره إلى مقدمه رواه أبو داود ولو حصل على رأسه ماء المطر أوصب عليه إنسان ثم مسح عليه يقصد بذلك الطهارة أو كان قد صمد للمطر أجزأه وإن حصل الماء على رأسه من غير قصد أجزأه أيضا لأن حصول الماء على رأسه بغير قصد لم يؤثر في الماء فمتى وضع يده على ذلك البلل ومسح به فقد مسح بماء غير مستعمل فصحت طهارته كما لو حصل بقصده.
وقد نقل أبو داود عن أحمد إذا أصاب
برأسه ماء السماء فمسحه بيده لم يجزه وذلك لأنه لم يوجد منه نية لذلك.
ذكره القاضي في المجرد وهذا يدل على أنه يشترط أن يقصد حصول الماء على رأسه، قال ابن عقيل في هذه المسألة: تحقيق المذهب أنه متى صمد للمطر ومسح أجزأه ومتى أصابه المطر من غير قصد ولا نية لم يجزه وكذلك إن كان يتوضأ فصب إنسان على رأسه ماء وهو لا يصد فمسح رأسه فإنه لا يجزئه فأما أن حصل الماء على رأسه بغير قصد ولم يمسح بيده لم يجزه سواء قلنا إن الغسل يقوم مقام المسح أولا وإن قصد وجرى الماء على رأسه أجزأه إذا قلنا يجزئ الغسل وإلا فلا (فصل) فإن مسح رأسه بخرقة مبلولة أو خشبة أجزأه في أحد الوجهين لأنه مأمور بالمسح وقد مسح أشبه مالو مسح بيده ولأن مسحه بيده غير مشترط بدليل مالو مسح بيد غيره (والثاني) لا يجزئه لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بيده وقال " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " وإن وضع على رأسه خرقة مبلولة فابتل رأسه بها أو وضع خرقة ثم بلها حتى ابتل شعره لم يجزه لأن ذلك ليس بمسح ولا غسل، ويحتمل أن يجزئه لأنه بل شعره قاصدا للوضوء فأجزأه كما لو غسله، وإن مسح بإصبع أو إصبعين أجزأه إذا بهما مسح ما يجب مسحه كله وهو قول الثوري والشافعي، ونقل بكر بن محمد عن أحمد لا يجزئه المسح بإصبع، قال القاضي هذا محمول على الرواية التي توجب الاستيعاب لأنه لا يحصل بإصبع واحدة.
وإن حلق بعض رأسه وقلنا بوجوب الاستيعاب مسح المحلوق والشعر، وإن قلنا باجزاء مسح البعض أجزأه مسح أحدهما