وفارقت المملوك فان نققته بحق الملك لا بالانتفاع، ولهذا تجب نفقة الآبق وفطرته والوالد تجب نفقته بالقرابة، ولا تبطل بالموت بدليل أن السيد والوالد أحق بدفنه وتوليه.
إذا تقرر هذا فإن لم يكن لها مال فعلى من تلزمه نفقتها من الاقارب، فإن لم يكن ففي بيت المال كمن لا زوج لها (فصل) ويستحب تحسين الكفن لما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل فقال " إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه " فان تساح الورثة جعل بحسب حال الحياة إن كان موسراً كان حسناً رفيعاً على نحو ما كان يلبس في حال الحياة، وإن كان دون ذلك فعلى حسب حاله وليس لثمنه حد لأن ذلك يختلف باختلاف البلدان والاوقات ولان التحديد إنما يكون بنص أو إجماع ولم يوجد واحد منهما.
وقال الخرقي إذا تشاح الورثة في الكفن جعل بثلاثين، وإن كان موسراً فبخمسين وهذا محمول على وجه التقريب، ولعل الجيد في زمنه والمتوسط كان يحصل بهذا القدر، وقد روي عن ابن مسعود أنه أوصى أن يكفن بنحو من ثلاثين درهماً (فصل) والمستحب أن يكفن في جديد إلا أن يوصي الميت بغيره فتمتثل وصيته كما روي عن الصديق رضي الله عنه انه قال: كفنوني في ثوبي هذين فان الحي أحوج الى الجديد من الميت وإنما هما للهلة والتراب رواه البخاري بمعناه، وذهب ابن عقيل الى أن التكفين في الخليع أولى لهذا الخبر والأول أولى لدلالة قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه به * (مسألة) * (ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض يبسط بعضها فوق بعض بعد تجميرها)
الأفضل عند إمامنا رحمه الله أن يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض ليس فيها قميص ولا عمامة لا يزيد عليها ولا ينقص منها قال الترمذي، والعمل عليها عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو مذهب الشافعي، ويستحب كون الكفن أبيض لأن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " البسوا من ثيابكم البياض فإنه أطهر وأطيب وكفنوا فيه موتاكم " رواه النسائي، وحكي عن أبي حنيفة أن المستحب أن يكون في إزار ورداء وقميص لما روى عبد الله ابن المغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في قميصه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله بن أبي قميصه رواه النسائي ولنا قول عائشة كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة متفق عليه، وهو أصح حديث يروى في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم واعرف بأحواله، ولهذا لما ذكر لها قول الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في برد، قالت: قد أتي بالبرد ولكنهم لم يكفنوه فيه فحفظت ما أغفله غيرها، وقالت أيضاً: أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبي بكر ثم نزعت عنه فرفع عبد الله بن أبي بكر الحلة وقال: أكفن فيها؟ ثم قال: لم يكفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكفن فيها فتصدق بها رواه مسلم، ولان حال الاحرام