العقد (والثانية) لا يفسد به العقد وهو قول ابن أبي ليلى لحديث بريرة ولأن العقد قد تم بأركانه والشرط زائد فإذا فسد وزال سقط الفاسد وبقي العقد بركنيه كما لو لم يشترط (فصل) وإن شرطه إلى الحصاد أو الجذاذ احتمل أن يكون كتعليقه على قدوم زيد لأنه يختلف
ويتقدم ويتأخر فكان مجهولاً، ويحتمل أن يصح لأن ذلك يتفاوت في العادة ولا يكثر تفاوته، وإن شرطه إلى العطاء وأراد وقت العطاء وكان معلوماً صح، وإن أراد نفس العطاء فهو مجهول (فصل) وإن شرطا الخيار شهراً يوماً يثبت ويوماً لا، فقال ابن عقيل يصح في اليوم الأول لامكانه ويبطل فيما بعده لأنه إذا لزم في اليوم الثاني لم يعد إلى الجواز، ويحتمل أن يبطل الشرط كله لأنه شرط واحد تناول الخيار في أيام فإذا فسد بعضه فسد جميعه كما لو شرطه إلى الحصاد {مسألة}(ولا يثبت إلا في البيع والصلح بمعناه والإجارة في الذمة أو على مدة لاتلي العقد) لا نعلم خلافاً في ثبوت خيار الشرط في البيع الذي لا يشترط فيه القبض في المجلس وكذلك الصلح بمعنى البيع لأنه بيع بلفظ الصلح والهبة بعوض على إحدى الروايتين والإجارة في الذمة نحو أن يقول استأجرتك لتخيط لي هذا الثوب ونحوه لأن الإجارة بيع المنافع فأشبهت بيع الأعيان، فأما الإجارة المعينة فإن كانت مدتها من حين العقد دخلها خيار المجلس دون خيار الشرط لأن دخوله يفضي إلى فوت بعض المنافع المعقود عليها أو استبقائها في مدة الخيار وكلاهما لا يجوز وهذا مذهب الشافعي، وذكر القاضي مرة مثل هذا ومرة قال يثبت فيها خيار الشرط قياساً على البيع، وقد ذكرنا ما يقتضي الفرق بينهما، فإن كانت المدة لاتلي العقد يثبت فيها خيار الشرط إذا كانت مدة الخيار لا تشتمل على شئ من مدة العقد فإن كانت بعض مدة العقد تدخل في مدة الخيار لم يجز لما ذكرنا {مسألة}(وإن شرطاه إلى الغد لم يدخل في المدة) وهذا مذهب الشافعي، وعنه يدخل وهو مذهب أبي حنيفة لان إلى تستعمل بمعنى مع كقوله تعالى (وأيديكم إلى المرافق * ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) والخيار ثابت بيقين فلا نزيله بالشك ولنا أن موضوع (إلى) لانتهاء الغاية فلا يدخل ما بعدها فيما قبلها كقوله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) وكالأجل وليس ههنا شك فإن الأصل حمل اللفظ على موضوعه فكأن الواضع قال متى سمعتم هذه اللفظة فافهموا منها انتهاء الغاية.
وفيما استشهدوا به حملت إلى على معنى مع بدليل، أو لتعذر حملها على موضوعها ولأن الأصل لزوم العقد وإنما خولف فيما اقتضاه الشرط فيثبت ما تيقن منه وما شككنا فيه رددناه إلى الأصل.
(فصل) وإن شرط الخيار إلى طلوع الشمس أو إلى غروبها صح، وقال بعض أهل العلم لا يصح توقيته بطلوعها لأنها قد تتغيم فلا يعلم وقت طلوعها، ولنا أنه تعليق للخيار بأمر ظاهر معلوم فصح كتعليقه بغروبها، وطلوع الشمس بروزها من الأفق كما أن غروبها سقوط القرص، ولذلك لو علق طلاق