للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأته أو عتق عبده بطلوع الشمس وقع ببروزها من الأفق، وإن عرض غيم يمنع المعرفة بطلوعها فالخيار ثابت حتى يتيقن طلوعها كما لو علقه بغروبها فمنع الغيم المعرفة بوقته، ولو جعل الخيار إلى طلوع الشمس من تحت السحاب أو إلى غيبتها تحته كان خياراً مجهولاً {مسألة} (وإن شرطاه مدة فابتداؤها من حين العقد ويحتمل أن يكون من حين التفرق) إذا شرط الخيار مدة معلومة اعتبرنا مدة الخيار من حين العقد في أظهر الوجهين والآخر من حين التفرق لأن الخيار ثابت في المجلس حقاً فلا حاجة الى إثباته بالشرط ولأن حالة المجلس كحالة العقد لأن لهما فيه الزيادة والنقصان فكان كحالة العقد في ابتداء مدة الخيار بعد انقضائه والأول أصح لأنها مدة ملحقة بالعقد فأشبهت الأجل، ولأن الاشتراط سبب ثبوت الخيار فيجب أن يتعقبه حكمه كالملك في البيع ولأنا لو جعلنا ابتداءها من حين التفرق أدى إلى جهالته لأنا لا نعلم متى يتفرقان فلا نعلم متى ابتداؤه ولا وقت انتهائه، ولا يمنع ثبوت الحكم بسببين كتحريم الوطئ بالصيام والإحرام، فعلى هذا لو شرط ابتداءه من حين التفرق لم يصح إلا على قولنا بصحة الخيار المجهول، وإن قلنا ابتداؤه من حين التفرق فشرط ثبوته من حين العقد صح لأنه معلوم الابتداء والانتهاء، ويحتمل أن لا يصح لأن خيار المجلس يغني عن خيار آخر فيمنع ثبوته والأول أولى ومذهب الشافعي في هذا الفصل على ما ذكرنا {مسألة} (وإن شرط الخيار لغيره جاز وكان توكيلاً له فيه) إذا شرط الخيار لأجنبي صح وكان اشتراطاً لنفسه وتوكيلاً لغيره فيه وهذا قول أبي حنيفة ومالك وللشافعي قولان (أحدهما) لا يصح وهو قول القاضي إذا أطلق الخيار لفلان أو قال لفلان دوني لأن الخيار شرع لتحصيل الحظ لكل واحد من المتعاقدين بنظره فلا يكون لمن لاحظ له، وإن جعل الأجنبي وكيلاً صح ولنا أن الخيار يعتمد شرطهما ويفوض إليهما وقد أمكن تصحيح شرطهما وتنفيذ تصرفهما على الوجه

الذي ذكرناه فلا يجوز إلغاؤه مع إمكان تصحيحه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " المسلمون على شروطهم " فعلى هذا يكون لكل واحد من المشترط ووكيله الذي شرط له الخيار الفسخ، ولو كان المبيع عبداً فشرط الخيار له صح سواء شرطه له البائع أو المشتري لأنه بمنزلة الأجنبي، وإن كان العاقد وكيلاً فشرط الخيار لنفسه صح فإن النظر في تحصيل الحظ مفوض إليه، وإن شرطه للمالك صح لأنه المالك والحظ له، وإن شرطه لأجنبي انبنى على الروايتين في صحة توكيل الوكيل (فصل) ولو قال بعتك على أن أستأمر فلاناً أو حد ذلك بوقت معلوم فهو خيار صحيح وله الفسخ قبل أن يستأمره لأنا جعلنا ذلك كناية عن الخيار وهذا قول بعض أصحاب الشافعي، وإن لم يظبطه بمدة معلومة فهو خيار مجهول فيه من الخلاف ما ذكرناه

<<  <  ج: ص:  >  >>