للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ظاهر كلام أحمد رضي الله عنه لأن أكله حرام لا نعلم فيه خلافا لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن فقال " إن كان مائعاً فلا تقربوه " من المسند وإذا كان حراماً لم يجز بيعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه " ولأنه نجس فلم يجز بيعه قياساً على شحم الميتة وعنه يجوز بيعه لكافر يعلم نجاستها لأنه يعتقد حلها ويستبيح أكلها ولأنه قد روي عن أبي موسى لتوا به السويق وبيعوه ولا تبيعوه من مسلم وبينوه، والصحيح الأول لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها، إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه " متفق عليه.

ولأنه لا يجوز بيعها من مسلم فلا يجوز بيعها لكافر كالخمر والخنزير فإنهم يعتقدون حله ولايجوز بيعه لهم ولأنه دهن نجس فلم يجز بيعه لكافر كشحوم الميتة.

قال شيخنا ويجوز أن يدفع إلى الكافر في فكاك مسلم ويعلم الكافر بنجاسته لأنه ليس ببيع في الحقيقة إنما هو استنقاذ المسلم به

{مسألة} (وفي جواز الاستصباح بها روايتان ويخرج على ذلك جواز بيعها) اختلفت الرواية في الاستصباح بالزيت النجس فروي عنه أنه لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم في السمن الذي ماتت فيه الفأرة " وإن كان مائعاً فلا تقربوه " ولا النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن شحوم الميتة تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال " لا، هو حرام " متفق عليه.

وهذا في معناه وهو قول ابن المنذر وعنه إباحته لأن ذلك يروي عن ابن عمر وهو قول الشافعي لأنه أمكن الانتفاع به من غير ضرر فجاز كالطاهر وهذا اختيار الخرقي، فعلى هذا يستصبح به على وجه لا تتعدى نجاسته إما أن يجعل في إبريق ويصب منه في المصباح ولا يمس وإما أن يدع على رأس الجرة التي فيها الزيت سراجاً مثقوباً ويطبقه على رأس إناء الزيت، وكلما نقص زيت السراج صب فيه ماء بحيث يرتفع الزيت فيملأ السراج وما أشبه هذا، وعلى قياس هذا كل انتفاع لا يفضي إلى التنجيس بها يجوز ويتخرج على جواز الاستصباح به جواز بيعه وهكذا ذكره أبو الخطاب لأنه يجوز الإنتفاع به من غير ضرورة فجاز بيعه كالبغل والحمار، وهل تطهر بالغسل فيه وجهان ذكرناهما فيما مضى، وإذا قلنا تطهر بالغسل فالقياس يقتضي جواز بيعها لأنها عين نجسة تطهر بالغسل أشبهت الثوب النجس.

وكره أحمد رحمه الله أن تدهن بها بالجلود وقال تجعل منها الأسقية، ونقل عن ابن عمر أنه يدهن بها الجلود وعجب أحمد من هذا فيحتمل أن يحمل على ما لا تتعدى نجاسته كالنعال كما قلنا في جلود الميتة (فصل) فأما شحوم الميتة وشحم الكلب والخنزير فلا يجوز الاستصباح به ولا الإنتفاع به في جلود ولا سفن ولا غيرها لما ذكرنا من الحديث، وإذا استصبح بالزيت النجس فاجتمع من دخانه شئ فهو نجس لأن جزء منه، والنجاسة لا تطهر بالاستحالة فان علق بشئ عفي عن يسيره لمشقة التحرز عنه وإن كثر لم يعف عنه (فصل) ولايجوز بيع الترياق الذي فيه لحوم الحيات لأن نفعه إنما يحصل بالأكل وهو محرم فخلا

<<  <  ج: ص:  >  >>