دار القهر، ولو وجب عليها عوضه لوجب مهر المثل دون المسمى، وأما الآية فقد قال قتادة نسخ رد المهر، وقال عطاء والزهري والثوري لا يعمل بها اليوم، وعلى أن الآية إنما نزلت في قضية الحديبية حين كان النبي صلى الله عليه وسلم شرط رد من جاءه مسلما، فلما منع الله رد النساء وجب رد مهورهن، وكلامنا فيما إذا وقع الصلح من غير شرط فليس هو في معنى ما تناوله الأمر، وإن وقع الكلام فيما إذا شرط رد النساء لم يصح أيضاً لأن الشرط الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم شرطه كان صحيحاً وقد نسخ فإذا شرط الآن كان باطلاً ولا يجوز قياسه على الصحيح والالحاق به.
(مسألة)(وإن شرط رد من جاء من الرجال مسلماً جاز ولا يمنعهم أخذه ولا يجبره على ذلك وله أن يأمرهم بقتالهم والفرار منهم) .
قد ذكر قسم الشروط الفاسدة والشروط الصحيحة مثل أن يشترط عليهم مالاً أو معونة المسلمين عند حاجتهم إليهم أو يشترط رد من جاء من الرجال مسلماً أو بأمان فهذا صحيح وقال أصحاب الشافعي لا يصح شرط رد المسلم إلا أن تكون له عشيرة تحميه وتمنعه ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم شرط ذلك في صلح الحديبية ووفى لهم به فرد أبا جندل وأبا بصير ولم يخص بالشرط ذا العشيرة ولأن ذا العشيرة إذا كانت عشيرته هي التي تفتنه وتؤذيه فهو كمن لا عشيرة له لكن إنما يجوز هذا الشرط عند شدة الحاجة إليه وتعين المصلحة فيه ومتى شرط لهم ذلك لزم الوفاء به
بمعنى أنهم إذا جاءوا في طلبه لم يمنعهم أخذه ولا يجبره عل المضي معهم، وله أن يأمره سراً بالهرب.