فيه وقيل في الدراهم والدنانير يصح وقفها عند من أجاز إجارتها ولا يصح لأن تلك المنفعة ليست المقصود
الذي خلقت له الأثمان ولهذا لا تضمن في الغصب فلم يجز الوقف له كوقف الشجر على نشر الثياب والغنم على دوس الطين والشمع ليتجعل به ولذلك لا يصح وقف الشمع للإشعال لأنه يتلف بالانتفاع به فهو كالمأكول (الثاني) أن يكون على بر كالمساكين والمساجد والقناطر والأقارب مسلمين كانوا أو من أهل الذمة.
وجملة ذلك أن الوقف لا يصح إلا على بر أو معروف لولده وأقاربه والمساجد والقناطر وكتب الفقه والعلم والقرآن والسقايات والمقابر وسبيل الله وإصلاح الطرق ونحو ذلك من القرب ويصح على أهل الذمة لأنهم يملكون ملكا محترما وتجوز الصدقة عليهم قال الله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) وإذا جازت الصدقة عليهم جاز الوقف عليهم كالمسلمين، وروي أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقفت على أخ لها يهودي ولأن من جاز أن يقف عليه الذمي جاز أن يقف المسلم عليه كالمسلم ولو وقف على من ينزل كنائسهم وبيعهم من المارة والمجتازين من أهل الذمة وغيرهم صح لأن الوقف عليهم لا على الموضع * (مسألة) * (ولا يصح على الكنائس وبيوت النار والبيع وكتب التوراة والإنجيل) لأن ذلك معصية فإن هذه المواضع بنيت للكفر وكتبهم مبدلة منسوخة ولذلك غضب النبي صلى الله عليه وسلم على عمر حين رأى معه صحيفة فيها شئ من التوراة وقال " أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي " ولولا أن ذلك معصية ما غضب منه.