وأسرحكن سراحا جميلا) والقول الأول أصح فإن الصريح في الشئ ما كان نصاً فيه لا يحتمل غيره إلا احتمالاً بعيداً، ولفظه الفراق والسراح إن وردت في القرآن بمعنى الفرقة بين الزوجين فقد وردت فيه لغير ذلك المعنى وفي العرف كثيراً قال الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وقال (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) فلا معنى لتخصيصه بفرقه الطلاق على أن قوله (أو فارقوهن بمعروف) لم يرد به الطلاق وإنما هو ترك ارتجاعها وكذلك قوله (أو تسريح بإحسان) ولا يصح قياسه على لفظ الطلاق فإنه مختص بذلك سابق الى الافهام من غير قرينة ولا دلالة بخلاف الفراق والسراح * (مسألة) * (فمتى أتى بصريح الطلاق وقع نواه أو لم ينوه) وجملة ذلك أن الصريح لا يحتاج إلى نية بل يقع من غير قصد فمتى قال أنت طالق أو مطلقة أو طلقتك وقع من غير نية بغير خلاف لأن ما يعتبر له القول يكتفى فيه به من غير نية إذا كان صريحاً فيه كالبيع سواء قصد المزح او الجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح، قال إبن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن جد الطلاق وهزله سواء روي هذا عن عمر بن الخطاب وابن مسعود ونحوه عن عطاء وعبيدة وبه قال الشافعي وأبو عبيد قال أبو عبيد هو قول سفيان وأهل العراق.