للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا أن الدية والقيمة تثبت في الذمة مقدرة فلم يجزان يصالح عنها بأكثر منها من جنسها كالثابتة عن قرض أو ثمن مبيع ولأنه إذا أخذ أكثر منها فقد أخذ حقه وزيادة لا مقابل لها فيكون أكل مال بالباطل (مسألة) (وإن صالحه بعرض قيمته أكثر منها جاز) لأنه بيع (فصل) ولو صالح عن المائة الثابتة بالإتلاف بمائة مؤجلة لم تصر مؤجلة وهذا قول الشافعي وعن أحمد أنها تصير مؤجلة وهو قول أبي حنيفة لأنه عاوض عن المتلف بمائة مؤجلة فجاز كما لو باعه إياه ولنا أنه إنما استحق عليه قيمة المتلف وهو مائة حالة والحال لا يتأجل بالتأجيل وإن جعلناه بيعاً فهو بيع دين بدين وهو غير جائز (مسألة) (وإن صالحه عن بيت على أن يسكنه سنة أو يبني له فوقه غرفة لم يصح)

إذا ادعى على رجل بيتاً فصالحه على بعضه أو على أن يبني له ثم على أن يسكنه سنة لم يصح لأنه يصالحه عن ملكه على ملكه أو منفعته وإن أسكنه كان تبرعاً منه متى شاء أخرجه منها وإن أعطاه بعض داره بناء على هذا فمتى شاء انتزعه منه لأنه أعطاه إياه عوضاً عما لا يصلح عوضاً عنه وان فعل ذلك على سبيل المصالحة معتقداً أن ذلك وجب عليه بالصلح رجع عليه بأجر ما سكن وأجر ما كان في يده من الدار لأنه أخذه بعقد فاسد فأشبه المبيع الموجود بعقد فاسد وسكنى الدار بإجارة فاسدة، وان بنى وفوق البيت غرفة أجبر على نقضها وإذا أجر السطح مدة مقامه في يده وله أخذ آلته، وان انفقا على أن يصالحه صاحب البيت عن بنائه بعوض جاز وإن بنى الغرفة بتراب من أرض صاحب البيت وآلاته فليس له أخذ بنائه لأنه ملك صاحب البيت وإن أراد نقض البناء لم يكن له ذلك إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف به ويتخرج أن يملك نقضه كقولنا في الغاصب (مسألة) (ولو قال أقر لي بديني وأعطيك منه مائة ففعل صع الإقرار ولم يصح الصلح) لأنه يجب عليه الإقرار بما عليه من الحق فلم يحل له أخذ العوض عما يجب عليه.

فعلى هذا يردما أخذ لأنه تبين كذبه بإقراره وأن عليه الدين فلزمه أداؤه بغير عوض (مسألة) (وإن صالح انسانا ليقرله بالعبودية أو امرأة لتقرله بالزوجية لم يصح) لا يجوز الصلح على ما لا يجوز أخذ العوض عنه مثل أن يدعي على رجل أنه عبده فينكره فيصالحه على مال ليقرله بالعبودية فلا يجوز ذلك لأنه يحل حراماً فإن أرقاق الحر نفسه لا يحل بعوض ولا غيره وكذلك أن صالح امرأة لتقرله بالزوجية لأنه صلح يحل حراماً ولأنها لو أرادت بذل نفسها بعوض لم يجز فإن دفعت إليه عوضاً عن هذه الدعوى ليكف نفسه عنها ففيه وجهان (أحدهما) لا يجوز لأن الصلح في الإنكار إنما يكون في حق المنكر لافتداء اليمين وهذه لا يمين عليها وفي حق المدعي يأخذ العوض في مقابلة حقه الذي يدعيه وخروج البضع من ملك الزوج لا قيمة له وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>