الرجل وسأل إياساً من أين علمت أن هذا ولدي؟ فقال سبحان الله وهل يخفى ذلك على أحد أنه لأشبه بك من الغراب بالغراب فسر الرجل واستلحق ولده (فصل) نقل عن أحمد أنه لا يقبل إلا قول اثنين من القافة ولفظ الشهادة منهما فروى عنه الأثرم أنه قيل له إذا قال أحد القافة هو لهذا وقال الآخر هو لهذا قال لا يقبل قول واحد حتى يجتمع اثنان فيكونان شاهدين فإذا شهد اثنان من القافة أنه لهذا فهو لهذا لأنه قول يثبت به النسب أشبه الشهادة ولأنه حكم بالشبه في الخلقة فاعتبر فيه اثنان كالحكم بالمثل في جزاء الصيد، وقال القاضي يقبل قول الواحد لانه حكم ويكتفي في الحكم قول واحد وحمل كلام أحمد على ما إذا تعارض قول القائفين فقال إذا خالف القائف غيره تعارضا وسقطا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بقول محرز وحده فإن قال اثنان قولاً وخالفهما واحد فقولهما أولى لأنه أقوى من قول واحد، وإن عارض قول اثنين قول اثنين سقط قول الجميع، فإن عارض قول اثنين قول ثلاثة أو أكثر لم يرجح وسقط الجميع كما لو كانت إحدى البينتين اثنين والأخرى ثلاثة فأما إن ألحقته القافة بواحد فجاءت قافة أخرى فألحقته بآخر كان للأول لأن قول القائف جرى مجرى حكم الحاكم إذا حكم حكماً لم ينتقض بمخالفة غيره ولذلك لو ألحقته بواحد ثم عادت فألحقته بغيره كذلك، وإن أقام الآخر بينة أنه ولده حكم له وسقط قول القائف لأنه بدل فسقط بوجود الأصل كالتيمم مع الماء
(فصل) وإذا ألحقته القافة بكافر أو رقيق لم يحكم بكفره ولا رقه لأن الحرية والإسلام ثبتا له بظاهر الدار فلا يزول ذلك بمجرد الشبه والظن كما لم يزل ذلك بمجرد الدعوى من المنفرد لها وإنما قبلنا قول القافة في النسب للحاجة إلى إثباته ولكونه غير مخالف للظاهر ولهذا اكتفينا فيه بمجرد الدعوى من المنفرد ولا حاجة الى إثبات رقه وكفره وإثباتهما يخالف الظاهر (فصل) لو ادعى نسب اللقيط إنسان فألحق نسبه به لانفراده بالدعوى ثم جاء آخر فادعاه لم يزل نسبه عن الأول لأنه حكم له به فلا يزول بمجرد الدعوى فان ألحقته به القافة لحق به وانقطع عن الأول لأنها بينة في إلحاق النسب فيزول بها الحكم الثابت بمجرد الدعوى كالشهادة