وذكر القاضي أن العصير إذا استحال خمراً بعد القبض بطل الرهن أيضاً، ثم إذا عاد خلاً عاد ملكاً لصاحبه مرهوناً بالعقد السابق لأنه يعود مملوكاً بحكم الملك الأول فيعود حكم الرهن لأنه زال بزوال الملك فيعود بعوده وهذا قول الشافعي، وقال مالك وأبو حنيفة: هو رهن بحاله لأنه كانت له قيمة حال كونه عصيراً ويجوز أن تصير له قيمة فلا يزول الملك عنه كما لو ارتد الجاني، ولأن اليد لم تزل عنه حكماً بدليل أنه لو غصبه غاصب فتخلل في يده كان ملكاً للمغصوب منه، ولو زالت يده كان ملكاً للغاصب كما لو أراقه فجمعه إنسان فتخلل في يده كان له دون من أراقه، وهذا القول هو قولنا الأول في المعنى إلا أن يقولوا ببقاء اللزوم فيه حال كونه خمراً.
قال شيخنا: ولم تظهر لي فائدة الخلاف بعد اتفاقهم على عوده رهناً باستحالته خلاً وأرى القول ببقائه رهناً أقرب إلى الصحة لأن العقد لو بطل لما عاد صحيحاً من غير ابتداء عقد، فإن قالوا يمكن عوده صحيحاً لعود المعنى الذي بطل بزواله كما أن زوجة الكافر إذا أسلمت خرجت من حكم العقد لاختلاف دينهما فإن أسلم الزوج في العدة عادت الزوجية بالعقد الأول لزوال الاختلاف في الدين، قلنا هناك ما زالت الزوجية ولا بطل العقد، ولو بطل بانقضاء العدة لما عاد إلا بعقد جديد وإنما العقد كان موقوفاً مراعى، فإذا أسلم في العدة تبينا أنه لم يبطل وإن لم يسلم تبينا أنه كان قد بطل وههنا قد جزمتم ببطلانه، وعنه أن القبض واستدامته في المتعين ليس بشرط ويلزم بمجرد العقد كالبيع، فعلى هذا إن امتنع الراهن من تقبيضه أجبر عليه كالبيع، فإن
رده المرتهن على الراهن بعارية أو غيرها ثم طلبه أجبر الراهن على رده لأن الرهن صحيح والقبض واجب فيجبر عليه كبيعه (فصل) وإذا استعار شيئاً ليرهنه جاز، قال إبن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ان الرجل اذا استعار من الرجل شيئاً يرهنه على دنانير معلومة عند رجل سماه الى وقت معلوم ففعل أن ذلك جائز وينبغي أن يذكر المرتهن والقدر الذي يرهنه به وجنسه ومدة الرهن لأن الضرر يختلف بذلك، فاحتيج إلى بيانه كأصل الرهن ومتى شرط شيئاً من ذلك فخالف ورهنه بغيره لم