{مسألة}(ولا يجوز بيع ما فتح عنوة ولم يقسم كأرض الشام والعراق ومصر ونحوها إلا المساكن وأرضاً من العراق فتحت صلحاً وهي الحيرة والليس وبانقيا وأرض بني صلوبا لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام ولم تقدر مدتها لعموم المصلحة فيها) لا يجوز بيع شئ من الأرض الموقوفة ولا شراؤه كأرض الشام ونحوها في ظاهر المذهب وقول أكثر أهل العلم منهم عمر وعلي وابن عباس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، وروي ذلك عن عبد الله ابن مغفل وقبيصة بن ذؤيب وميمون بن مهران والاوزاعي ومالك وأبي إسحاق الفزاري.
قال الأوزاعي لم تزل أئمة المسلمين ينهون عن شراء أرض الجزية ويكرهه علماؤهم، وقال: أجمع رأي عمر وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما ظهروا على أهل الشام على إقرار أهل القرى في قراهم على ما كان بأيديهم من أرضهم يعمرونها ويؤدون خراجها إلى المسلمين ويرون أنه لا يصلح لأحد من المسلمين شراء ما في أيديهم من الأرض طوعا ولاكرها وكرهوا ذلك لما كان من أيقاف عمر وأصحابه الأرضين المحبوسة على آخر هذه الأمة من المسلمين لاتباع ولا تورث قوة على جهاد من لم يظهر عليه بعد من المشركين، وقال الثوري إذا أقر الإمام أهل العنوة في أرضهم توارثوها وتبايعوها، وروي نحو هذا عن ابن سيرين والقرظي، لما روى عبد الرحمن بن زيد أن ابن مسعود اشترى من دهقان أرضاً على أن يكفيه جزيتها، وروي عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبقر (١) في الأهل والمال، ثم قال
عبد الله وكيف بمال بزاذان وبكذا وكذا؟ وهذا يدل على أن له مالاً بزا ذان ولأنها أرض لهم فجاز بيعها كأرض الصلح، وقد روي عن أحمد أنه قال: كان الشراء أسهل يشتري الرجل ما يكفيه ويغنيه عن الناس وهو رجل من المسلمين وكره البيع، قال شيخنا وإنما رخص في الشراء والله أعلم لأن بعض الصحابة اشترى ولم يسمع عنهم البيع، ولأن الشراء استخلاص للأرض ليقوم فيها مقام من كانت في يده والبيع.
أخذ عوض عما لا يملكه ولا يستحقه فلا يجوز ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا تشتروا رقيق أهل الذمة ولا أراضيهم.
وقال الشعبي اشترى عتبة بن فرقد أرضا على شاطئ الفرات ليتخذ فيها قصا فذكر ذلك لعمر فقال ممن اشتريتها؟ قال من أربابها، فلما اجتمع المهاجرون والأنصار قال هؤلاء أربابها فهل اشتريت منهم شيئاً؟ قال لا، قال فارددها إلى من اشتريتها منه وخذ مالك.
وهذا قول عمر في المهاجرين والأنصار بمحضر سادة الصحابة وأئمتهم فلم ينكر فكان إجماعاً ولا سبيل إلى وجود إجماع أقوى من هذا وشبهه إذ لا سبيل إلى نقل قول جميع الصحابة في مسألة ولا إلى نقل قول العشرة ولم يوجد الإجماع إلا القول المنتشر، فإن قيل فقد خالفه ابن مسعود بما ذكر عنه.
قلنا لا نسلم المخالفة وقولهم اشترى قلنا المراد به أكرى كذا قال أبو عبيد، والدليل عليه قوله على أن يكفيه جزيتها ولا يكون مشتريا لها وجزيتها على غيره وقد روي عنه القاسم أنه قال: من أقر بالطسق فقد أقر بالصغار والذل وهذا يدل على أن الشراء هنا الاكتراء وكذلك كل من رويت عنه الرخصة في الشراء محمول