ولنا أنه اختلاف في الفروع بتأويل سائغ فلم يمنع صحة القضاء ولم يفسق به كاختلاف الفقهاء إذا ثبت هذا فانه إذا حكم بما لا يخالف نصاً ولا إجماعاً نفذ حكمه وإن خالف ذلك نقض حكمه كقاضي أهل العدل، فان حكم بسقوط الضمان على أهل البغي فيما اتلفوه حال الحرب جاز حكمه لأنه موضع اجتهاد، وان كان حكمه فيما أتلفوه قبل قيام الحرب لم ينفذ لأنه مخالف للاجماع، وان حكم على أهل العدل بوجوب الضمان فيما أتلفوه حال الحرب لم ينفذ حكمه لمخالفته للإجماع وإن حكم بوجوب ضمان ما أتلفوه في غير حال الحرب نفذ حكمه، وإن كتب قاضيهم الى قاضي أهل العدل جاز قبول كتابه لأنه قاض ثابت القضايا نافذ الاحكام، والأولى أنه لا يقبله كسراً لقلوبهم وقال أصحاب الرأي لا يجوز وقد سبق الكلام في هذا فأما الخوارج إذا ولوا قاضيا لم يجز قضاؤه لأن أقل أحوالهم الفسق وهو يمنع القضاء ويحتمل أن يصح قضاؤه وتنفذ أحكامه لأن هذا مما يتطاول وفي القضاء بفساد قضاياه وعقوده الانكحة وغيرها ضرر كثير فجاز دفعاً للضرر كما لو أقام الحدود وأخذ الجزية والخراج والزكاة (فصل) وإذا ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحد ثم قدر عليهم أقيمت فيهم حدود الله تعالى ولا تسقط باختلاف الدار، وبهذا قال مالك والشافعي وابن المنذر وقال أبو حنيفة: إذا امتنعوا بدار لم يجب الحد على أحد منهم ولا على من تاجر أو أسر لأنهم خارجون عن دار الامام فأشبهوا من دار الحرب ولنا عموم الآيات والأخبار ولأن كل موضع تجب فيه العبادات في أوقاتها تجب الحدود فيه