على الرضي فلابد من قول دال عليه، أما مع قرائن الاحوال والدلال فلا وجه لتوقفه على اللفظ، ألا ترى أنا اكتفينا بالمعاطاة في البيع واكتفينا بدلالة الحال في دخول الحمام وهو إجارة وبيع أعيان فإذا اكتفينا في المعاوضات مع تأكدها بدلالة الحال فإنها تنقل الملك من الجانبين فلأن نكتفي بها في الهبة أولى.
وأما النكاح فإنه يشترط فيه ما لا يشترط في غيره من الإشهاد ولا يقع إلا قليلاً فلا يشق اشتراط الإيجاب والقبول فيه بخلاف الهبة والله سبحانه وتعالى أعلم * (مسألة) * (وتلزم بالقبض وعنه تلزم في غير المكيل والموزون بمجرد الهبة) أما الميكل والموزون الذي لا يتميز إلا بالكيل والوزن فلا تلزم الهبة فيه إلا بالقبض وعلى قياس ذلك المعدود والمذروع،
وهو قول أكثر الفقهاء منهم النخعي والثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة والشافعي وقال مالك وأبو ثور تلزم بمجرد العقد لعموم قوله عليه السلام " العائد في هبته كالعائد في قيئه " ولأنه إزالة ملك بغير عوض فلزم بمجرد العقد كالوقف والعتق ولأنه تبرع فلا يعتبر فيه القبض كالوصية والوقف ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه مروي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولم نعرف لهما في الصحابة مخالفاً، وقد روى عروة عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقاً من ماله بالعالية فلما مرض قال: يا بنية ما أحد أحب غنىً منك بعدي ولا أحد أعز علي فقراً منك وكنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا ووددت أنك حزتيه أو قبضتيه، وهو اليوم مال الوارث أخواك وأختاك فاقتسموا على كتاب الله عزوجل، رواه مالك في موطئه.