صلى الله عليه وسلم ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن المقصود اغناء الفقراء بها فاذا أبحنا نقلها أفضى الى بقاء فقراء أهل ذلك البلد محتاجين فان خالف ونقل ففيه روايتان إحداهما
تجزئه وهو قول أكثر أهل العلم واختارها ابو الخطاب لأنه دفع الحق إلى مستحقه فبرئ كالدين وكما لو فرقها في بلدها والأخرى لا تجزئه اختارها ابن حامد لأنه دفع الزكاة الى غير من أمر بدفعها إليه أشبه ما لو دفعها إلى غير الاصناف (فصل) فإن استغنى عنها فقرا أهل بلدها جاز نقلا نص عليه أحمد فقال قد تحمل الصدقة إلى الإمام إذا لم يكن فقراء أو كان فيها فضل عن حاجتهم وقال أيضاً لا تخرج صدقة قوم عنهم من بلد إلى بلد إلا أن يكون فيها فضل لكن الذي كان يجئ إلى المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر من الصدقة إنما كان عن فضل منهم يعطون ما يكفيهم ويخرج الفضل عنهم وروى أبو عبيد في كتاب الأموال بإسناده عن عمرو بن شعيب أن معاذاً لم يزل بالجند إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدم على عمر فرده على ما كان عليه فبعث اليه معاذ بثلث صدقة الناس فأنكر ذلك عمر وقال: لم أبعثك جابياً ولا آخذ جزية، لكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم.
فقال معاذ: ما بعثت اليك بشئ وأنا اجد من يأخذه مني، فلما كان العام الثاني بعث إليه بشرط الصدقة فتراجعا بمثل ذلك، فلما كان العام الثالث بعث اليه بها كلها فراجعه عمر بمثل ما راجعه فقال معاذ: ما وجدت أحداً يأخذ مني شيئاً، وكذلك إذا كان ببادية ولم يجد من يدفعها اليه فرقها على فقراء أقرب البلاد اليه (فصل) ويستحب أن يفرق الصدقة في بلدها ثم الأقرب فالأقرب من القرى والبلدان.
قال أحمد في رواية صالح: لا بأس ان يعطي زكاته في القرى التي حوله ما لم تقصر الصلاة في اتيانها ويبدأ بالأقرب فالأقرب، فإن نقلها إلى البعيد لتحري قرابة أو من كان أشد حاجة فلا بأس ما لم يجاوز مسافة القصر