يصح الرهن لأنه لم يؤذن له فيه أشبه من لم يأذن في أصل الرهن وهذا إجماع حكاه ابن المنذر فإن أذن له في رهنه بقدر من المال فنقص عنه صح لأن من أذن في شئ فقد أذن في أقل منه وإن رهنه بأكثر احتمل أن يبطل في الكل لأنه خالف المنصوص عليه فبطل كما لو قال أرهنه بدنانير فرهنه بدراهم أو بحال فرهنه بمؤجل أو بالعكس فإنه لا يصح وهذا منصوص الشافعي، واحتمل أن يصح في القدر المأذون فيه ويبطل في الزائد عليه لأن العقد تناول ما يجوز وما لا يجوز فصح فيما يجوز دون غيره كتفريق الصفقة، ويفارق ما ذكرنا من الأصول فإن العقد لم يتناول مأذوناً فيه بحال وكل واحد من هذه الأمور يتعلق به غرض لا يوجد في الآخر فإن الراهن قد يقدر على فكاكه في الحال ولا يقدر على ذلك عند الأجل وبالعكس، وقد يقدر على فكاكه بأحد النقدين دون الآخر فيفوت الغرض بالمخالفة وفي مسئلتنا إذا صح في المائة المأذون فيها لم يختلف الغرض فإن أطلق الأذن في الرهن من غير تعيين فقال القاضي يصح وله رهنه بما شاء وهو قول أصحاب الرأي وأحد قولي الشافعي، والآخر لا يجوز حتى يتبين قدر الذي يرهنه به وصفته وحلولة وتأجيله لأن هذا بمنزلة الضمان لأن منفعة العبد لسيده والعارية ما أفادت المنفعة إنما حصلت له نفعاً بكون الرهن وثيقة عنه فهو بمنزلة الضمان في ذمته وضمان المجهول لا يصح ولنا أنها عارية فلم يشترط لصحتها ذكر ذلك كالعارية لغير الرهن والدليل على أنه عارية أنه قبض ملك غيره لمنفعة نفسه منفرداً بها من غير عوض فكان عارية كقبضه للخدمة، وقولهم أنه ضمان
غير صحيح لأن الضمان يثبت في الذمة وهذا يثبت في الرقبة، ولأن الضمان لازم في حق الضامن وهذا له الرجوع في العبد قبل الرهن والزام المستعير بفاكه بعده، وقولهم إن المنافع للسيد قلنا المنافع مختلفة فيجوز أن يستعيره لتحصيل منفعة واحدة وسائر المنافع للسيد كما لو استعاره لحفظ متاع وهو مع ذلك يخيط لسيده أو يعمل له شيئاً أو استعاره ليخيط له ويحفظ المتاع لسيده، فإن قيل لو كان عارية لما صح رهنه لأن العارية لا تلزم والرهن لازم، قلنا العارية غير لازمة من جهة المستعير فإن لصاحب العبد