ولنا أن هنداً قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي قال " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " متفق عليه ففضى عليه لها ولم يكن حاضراً، ولأن هذا بينة مسموعة وعادلة فجاز الحكم بها كما لو كان الخصم حاضراً يقدم عليه إذا كان غائباً كسماع البينة وأما حديثهم فنقول به إذا تقاضى إليه رجلان لم يجز الحكم قبل سماع كلامهما وهذا يقتضي أن يكونا حاضرين ويفارق الحاضر الغائب فإن البينة لا تسمع على حاضر إلا بحضرته والغائب بخلافه، وقد ناقض أبو حنيفة
أصله فقال إذا جاءت امرأة فادعت أن لها زوجاً غائباً وله مال في يد رجل وتحتاج إلى النفقة فاعترف لها بذلك فإن الحاكم يقضي عليه بالنفقة، ولو ادعى على حاضر أنه اشترى من غائب ما فيه شفعة وأقام بينة بذلك حكم بالبيع والأخذ بالشفعة ولو مات المدعى عليه فحضر بعض ورثته أو حضر وكيل الغائب وأقام المدعي بينة حكم له بما ادعاه، والغيبة المعتبرة إلى مسافة القصر لأنها التي تبنى عليها الأحكام (فصل) وكذلك الحكم في المستتر في البلد لأنه تعذر حضوره أشبه الغائب بل أولى فإن الغائب معذور ولا عذر للمستتر نص عليه أحمد في رواية حرب وروى حرب بإسناده عن أبي موسى قال كان الخصمان إذا اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتعدا الموعد فوفى أحدهما ولم يوف الآخر قضى للذي وفى ولأنه لو لم يحكم عليه لجعل الاستتار وسيلة إلى تضييع الحقوق * (مسألة) * (والميت المدعى عليه كالغائب بل أولى) لأن الغائب قد يحضر بخلاف الميت