إن اختلفت البلاد فالاعتبار بالغالب فإن لم يكن غالب تعين الوجه الأول ومذهب الشافعي كهذين الوجهين (فصل) والبر والشعير مكيلان منصوص عليهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم " البر بالبر كيلاً بكيل والشعير بالشعير كيلا بكيل " وكذلك سائر الحبوب والا بازير والاشنان والجص والنورة وما أشبهها والتمر مكيل وهو من المنصوص عليه وكذلك سائر ثمرة النخل من الرطب والبسر وغيرهما، وسائر ما تجب فيه الزكاة من الثمار مثل الزبيب والفستق والبندق واللوز والعناب والمشمش والزيتون والبطم والملح مكيل وهو من المنصوص عليه بقوله عليه السلام " الملح بالملح مداً بمد " والذهب والفضة موزونان بقوله عليه السلام " الذهب بالذهب والفضة بالفضة وزناً بوزن " وكذلك ما أشبههما من جواهر الأرض كالحديد والرصاص والصفر والنحاس والزجاج والزئبق وكذلك الابريسم والقطن والكتان والصوف وغزل ذلك وما أشبهه، ومنه الخبز واللحم والشحم والجبن والزبد والشمع والزعفران والورس والعصفر وما أشبه ذلك (فصل) والدقيق والسويق مكيلان لأن أصلهما مكيل ولم يوجد ما ينقلهما عنه ولأنهما يشبهان ما يكال وذكر القاضي في الدقيق أنه يجوز بيع بعضه ببعض وزناً ولا يمنع أن يكون موزوناً وأصله مكيل كالخبز.
ولنا ما ذكرناه ولأنه يقدر بالصاع بدليل أنه يخرج في الفطر صاع من دقيق، وقد جاء ذلك في الحديث والصاع إنما يقدر به المكيلات، وعلى هذا يكون الأقط مكيلاً لأن في حديث صدقة الفطر صاع من أقط.
فأما اللبن وغيره من المائعات كالأدهان من الزيت والشيرج والعسل والدبس والخل ونحو ذلك، فالظاهر أنها مكيلة.
قال القاضي في الأدهان هي مكيلة وفي اللبن يصح السلم فيه كيلاً، وقال أصحاب الشافعي لا يباع اللبن بعضه ببعض إلا كيلاً، وقد روي عن أحمد رحمه الله تعالى أنه سئل عن السلف في اللبن فقال نعم كيلاً أو وزناً وذلك لأن الماء يقدر بالصاع، ولذلك قالوا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع ويغتسل هو وزوجته من الفرق وهذه مكاييل قدر بها الماء، وكذلك
سائر المائعات، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع ما في ضروع الأنعام إلا بكيل رواه ابن ماجه، وأما غير المكيل والموزون فما لم يكن له أصل بالحجاز في كيل ولا وزن ولا يشبه ما جرى فيه عرف بذلك كالنبات والحبوب والمعدودات من الجوز والبيض والرمان والقثاء والخيار وسائر الخضر