وجملة ذلك أن كتاب القاضي إلى القاضي يقبل في المال بغير خلاف علمناه ولا يقبل في الحدود كحق الله تعالى وهل يقبل فيما عدا هذا؟ على وجهين وبهذا قال أصحاب الرأي وقال الشافعي يقبل كل حق لآدمي من الجراح وغيرها وهل يقبل في الحدود التي لله تعالى؟ على قولين (أحدهما) يقبل وهو قول مالك وأبي ثور وحد القذف ينبني على الخلاف فيه على ما ذكرنا ولنا على أنها لا تقبل في الحدود أنها مبنية على الستر والدرء بالشبهات والإسقاط بالرجوع عن الإقرار وكتاب القاضي إلى القاضي شهادة وفيه شبهة فإنه يتطرق إليه احتمال الغلط أو السهو في شهود الفرع مع احتمال ذلك في شهود الأصل وهذا احتمال زائد لا يوجد في شهادة الأصل وهو معتبر بدليل أنها لا تقبل مع القدرة على شهود الأصل فوجب أن لا تقبل فيما يندرئ بالشهبات ولأن كتاب القاضي إلى القاضي إنما يقبل للحاجة ولا حاجة الى ذلك في الحد لأن ستر صاحبه أولى من الشهادة عليه ولأنه لا نص في ذلك ولا يصح قياسه على
الأموال لما بينهما من الفرق والتساهل وظاهر كلام أحمد رحمه الله أن كتاب القاضي إلى القاضي لا يقبل في القصاص أيضاً ولا حد القذف لأنه قال إنما يجوز في الحقوق أما الدماء والحد فلا وهذا قول أبي حنيفة، وظاهر كلام الخرقي أنه يقبل وهو قول مالك والشافعي وأبي ثور ولأنه حق آدمي لا يسقط بالرجوع عن الإقرار به أشبه الأموال وذكر أصحابنا عن أحمد هذا رواية لأنه قال شهادة رجل في