للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو عاص به.

فأما من رأى الغريق فليس بمنهي عن الصلاة إنما هو مأمور بالصلاة وإنقاذ الغريق وأحدهما آكد من الآخر، أما في مسئلتنا فإن أفعال الصلاة في نفسها منهي عنها.

إذا ثبت هذا فلا فرق بين غصبه لرقبة الأرض ودعواه ملكيتها وبين غصبه منافعها بأن يدعي اجارتها ظالماً أو يضع

يده عليها مدة أو يخرج ساباطاً في موضع لا يحل له أو يغصب راحلة ويصلي عليها أو سفينة ويصلي فيها أو لوحاً فيجعله سفينة ويصلي عليه كل ذلك حكمه في الصلاة حكم الدار المغصوبة على ما بيناه (فصل) قال أحمد يصلي الجمعة في موضع الغصب يعني إذا كان الجامع أو بعضه مغصوباً صحت الصلاة فيه لأن الجمعة تختص ببقعة فإذا صلاها الإمام في الموضع المغصوب فامتنع الناس من الصلاة فيه فاتتهم الجمعة وكذلك من امتنع فاتته ولذلك أبيحت خلف الخوارج والمبتدعة وصحت في الطرق لدعاء الحاجة إليها وكذلك الأعياد والجنازة (فصل) ويكره في موضع الخسف قاله أحمد لأنه موضع مسخوط عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم مر بالحجر " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم " ولا بأس بالصلاة في الكنيسة النظيفة روى ذلك عن عمر وأبي موسى وهو قول الحسن وعمر بن عبد العزيز والشعبي والاوزاعي.

وكره ابن عباس ومالك الكنائس لأجل الصور، وقال ابن عقيل: تكره الصلاة فيها لأنه كالتعظيم والتبجيل لها وقيل لأنه يضر بهم ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وفيها صور ثم قد دخلت في عموم قوله صلى الله عليه وسلم " فأينما أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد " متفق عليه (مسألة) (وقال بعض أصحابنا حكم المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق واسطحتها كذلك) لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " سبع مواطن لا يجوز فيها الصلاة: ظهر بيت الله، والمقبرة، والمزبلة، والمجزرة، والحمام، وعطن الإبل، ومحجة الطريق " رواه ابن ماجه، وقال الحكم في هذه المواضع الثلاثة كالحكم في الأربعة ولأن هذه المواضع مظان للنجاسات فعلق الحكم عليها وإن لم توجد الحقيقة كما إنتقضت الطهارة بالنوم ووجب الغسل بالتقاء الختانين.

قال شيخنا والصحيح جواز الصلاة فيها وهو قول أكثر أهل العلم ويحتمله اختيار الخرقي لأنه لم يذكرها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم " جعلت لي الأرض مسجداً " متفق عليه.

واستثنى منه المقبرة والحمام ومعاطن الإبل بأحاديث صحيحة ففيما عدا ذلك يبقى على العموم، وحديث ابن عمر يرويه العمري وزيد بن جبيرة وقد تكلم فيهما من قبل حفظهما فلا يترك به الحديث الصحيح.

وأكثر أصحابنا على القول الأول ومعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>