لم يجز ضمانه بأكثر من وزنه وجهاد واحداً لأن الصناعة لا قيمة لها شرعا (مسألة)(فإن كان محلى بالنقدين معاقومه بما شاء منهما) للحاجة وأعطاه بقيمته عوضاً لئلا يفضي إلى الربا ولا يمكن تقويمه إلا بأحدهما لأنهما قيم الأموال فدعت الحاجة إلى تقويمهما بأحدهما وليس أحدهما بأولى من الآخر فكانت الخيرة إليه في تقويمه بما شاه منهما، والدليل على أنه لا يمكن تقويمه إلا بأحد النقدين أنه لا يمكن تقويمه بكل واحد منهما منفرداً لعدم معرفة ما فيه منه ولأن قيمة الحلية قد تنقص بالتحلية بها وقد تزيد ولا يمكن إفرادها بالبيع ولا بغيره من التصرفات وإنما يقوم المحلى كالسيف بأن يقال كم قيمة هذا؟ ولو بيع ماكان الثمن إلا عوضاً له لأن الحلية صارت فصة له وزينة فيه فكانت القيمة فيه موصوفا بهذا الصفة كقيمته في بيعه والله أعلم.
(فصل) وقد ذكرنا أن ما تتماثل أجزاؤه وتنقارب كالأثمان والحبوب والأدهان يضمن بمثله وهذا لا خلاف فيه، فأما سائر المكيل والموزون فظاهر كلام أحمد أنه يضمنه بمثله أيضاً فإنه قال في رواية حرب ما كان من الدراهم والدنانير وما يكال ويوزن فظاهرة وجوب المثل في كل مكيل وموزون إلا أن يكون مما فيه صناعة مباحة كمعمول الحديد والنحاس والرصاص والصوف والشعر العزول فإنه يضمن بقيمته لأن الصناعة تؤثر في قيمته وهي مختلفة فالقيمة فيه أحصر فأشبه غير المكيل والموزون