" ليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده " رواه الترمذي وقال حديث حسن وهذا يخص عموم ما رووه وقياسهم منقرض بهبة الأجنبي فإن فيها أجراً وثواباً فإن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إليها وعندهم له الرجوع فيها والصدقة على الولد كمسئلتنا، وقد دل حديث النعمان بن بشير على جواز الرجوع في الصدقة قول تصدق علي أبي بصدقة (فصل) فأما الأم فظاهر كلام أحمد أنه ليس لها الرجوع، قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله الرجوع للمرأة فيما أعطت ولدها كالرجل؟ قال ليس هي عندي كالرجل لأن للأب أن يأخذ من مال ولده والأم لا تأخذ وذكر حديث عائشة " أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه " أي كأنه الرجل، ولا يصح قياس الأم على الأب لأن للاب ولاية على ولده ويحوز جميع المال في الميراث بخلاف الأم، ويحتمل أن لها الرجوع وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال: وإذا فاضل بين أولاده أمر برده فيدخل فيه الأم وهذا مذهب الشافعي لأنها داخلة في قوله إلا الولد فيما يعطي ولده ولأنها دخلت في قول النبي صلى الله عليه وسلم " سووا بين أولادكم " فينبغي أن يتمكن من الرجوع في الهبة ولأنه طريق إلى التسوية وربما لا يكون لها طريق غيره إذا لم يمكن أعطت الآخر كما أعطت لاول لأنها ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها ينبغي أن تساويه في التمكن من الرجوع فيما فضلته به تخليصاً لها من الاثم وإزلة التفضيل المحرم كالأب وهذا الصحيح إن شاء الله تعالى، وقال مالك للأم الرجوع فيما وهبت ولدها ما كان أبوه حيا فإن كان ميتاً فلا رجوع لها لأنها هبة ليتيم وهبة اليتيم لازمة كصدقة التطوع، ومن مذهبه أنه لا يرجع في صدقة التطوع (فصل) وحكم الصدقة حكم الهبة فيما ذكرنا وهو مذهب الشافعي، وفرق مالك وأصحاب الرأي بينهما فلم يجيزوا الرجوع في الصدقة بحال واحتجوا بحديث عمر: من وهب هبة أراد بها صلة الرحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع