وكان متكئاً فجلس فقال (ألا وقول الزور وشهادة الزور) فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت متفق عليه وروى أبو حنيفة عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (شاهد الزور لا تزول قدماه حتى تجب له النار) فمتى ثبت عند الحاكم أن رجلاً شهد بزور عمداً عزره وشهره في قول أكثر أهل العلم، وروى ذلك عن عمر رضي الله عنه وهو قول شريح والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله والاوزاعي وابن أبي ليلى ومالك والشافعي وقال أبو حنيفة لا يعزر ولا يشهر ولأنه قول منكر وزور فلا يعزر به كالظهار، وروى عنه الطحاوي أنه يشهر وأنكره المتأخرون ولنا أنه قول محرم يضر به الناس فأوجب العقوبة على قائله كالسب والقذف ويخالف الظهار من وجهين (أحدهما) أنه يختص بضرره (والثاني) أنه أوجب كفارة شاقة هي يشد من التعزير ولأنه قول عمر رضي الله عنه ولا نعلم له في الصحابة مخالفاً.
إذا ثبت ذلك فإن عقوبته غير مقدرة وإنما ذلك مفوض إلى رأي الحاكم إن رأى ذلك بالجلد فعل وإن رأه بحبس أو كشف رأسه وتوبيخه فعل ولا يزيد في جلده على عشر جلدات وقال الشافعي لا يزيد على تسع وثلاثين وقال ابن أبي ليلى يجلد خمساً وسبعين سوطا.
وهذا أحد قولي أبي يوسف وقال الأوزاعي في شاهدي الطلاق يجلدان مائة ويغرمان الصداق.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يجلد أحد فوق عشر جلدات إلا في حد من من حدود الله) متفق عليه